الأربعاء، 23 ديسمبر 2020
كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر
الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020
أنثى نسي التاريخ اسمها _ لينده أشواق شرفة
أنثى نسي التاريخ اسمها
لكل امرأة على هذا الوجود
فلتعلمن أني سبقتكن بعهود
أني مررت في ذاكرة الحدود
مررت على جبال أرض نوح
مررت على صدر فرعون المذبوح
من قلعة حلب وجرش الصروح
تركتكن في ثرى يسوع
يامن مررتن على طرقات الخضوع
إني ياحسناوات لم أعد أخشى الوقوع.
وإن صارت كلماتي فتنة
وإن ذقت ألف محنة
هاقد شارفت على الخلود
في ذاكرة لا أحد.
من فيكن قلبها ضاع أو وثب
وقد شارفت على الحدود
من وطأة المستبد.
كلكن يا نساء الأرض كلكن
لستنّ مثلي ولو واحدة منكن
لم تلعب إحداكن بشعر الخيول
لم تتعب صعوداً أونزول
لم تورق يداها ربيعاً ولم تلبس الفصول.
أنا يا نساء أتقنت الدمار
لعبت كثيراً بالنار
واحترقت ألف مرة
بكيت جهراً وسرا
وماسئمت الانكسار.
نعم
إني أبدعت في وصف جهنم
ولم ينطق لساني بحرف أو يتكلم
نبتت في شوك الصبار
ثم ظللت بالورد أحلم
كلكن يا نساء العالمين لم تتقن فنون الحصار
لم تعرفن أنظمة مشارق الأرض ومغاربها من استعمار
أما أنا فانجزت ماعجز عنه كل جبار
دونت رماد قلبي باحرف من نار
حتى احترقت قافيتي وصارت سوادا
وكل اوراقي أمست رمادا
فيا معشر نساء الارض
يامن تعشن على خطوط الطول ودوائر العرض
أنا وحيدة الكون التي عشقتها الحنظلة
أنا التي كتبتها حروفها ثم جهلت المسألة
أنا ابنة المستحيل التي لم ينجب أحداً غيرها
أنا أم الحروف الشريدة التي نسيت أصلها
إني أمها إني أمها إني أمها.
فيا جميلات وحسناوات
يا من مررتن بشتى الطرقات
أنا امرأة ذكرها التاريخ ونسي اسمها
أنا أنثى عربية أنكرها الزمان وكذلك المنتهى
وحيدة أمها وحيدة دهرها وحيدة وحدها.
الاسم : لينده أشواق شرفة
البلد : الجزائر
الأحد، 8 نوفمبر 2020
في حضورك لا بقية _ بسمة أسعد
" في حضورك لا بقية "
لا جميلة في بغداد تجاريكِ
وأميرات الشام بغير حسنك
لا تقنع
مسحة من الرحمن فيكِ
خجل في العينين يصد ويمنع
يا آلهة الطهر دعيني
أتعمد حبّكِ إيماناً
هدفاً أسعاه
ديناً أعتنقه
حبّاً لا أرتد عنكِ
ولا أرجع.
يا أنتِ
نبع المسك.. سر العنبر
عود الريحان.. أبيض الورد
والأحمر
ياحلم أمسي وغدي
بالله عليكِ جودي
بطرفة من عينيك وكوني
بصري ونطقي وكل ما أسمع
وخذي مني ماشئتِ
مابقي من العمر
وكلّي لكِ يخضع.
ياسيدة الحسن الأولى
في وجهكِ آيات تتلا
أرتلها صلاة
ولجلالة عينيك أخشع
في محراب روحك سلام
قداسة الحبّ فيه يغمرني
فأركع
سبحان من سرى بي إليكِ
سبحان نفس يتردد فيكِ
ياعبق الورد الأزكى
يابخور صومي
يازادي وشرابي الأشهى
في حضوركِ
لا بقية
سيدة الجلالة يا أنتِ
سبحان من صوّركِ
فأبدع!
سبحانكِ
ما أعظمكِ
وأروع!
بسمة أسعد.. سوريا
الخميس، 5 نوفمبر 2020
طائر المنفى بعيد _ قاسم محمد العاني
طائرُ المنفى بـــعــــــيــــــد
لاتسألي عمّا يجولُ بخاطري
قد تسقطُ الكلماتُ
دونَ ..حنانِ
فأنا الغيورُ
إذا نسيتِ هويَّتي
وأنا المهاجرُ دونَ أيِّ مكانِ
كلُّ الرواياتِ التي حدَّثْتُها عنكِ انطوت
وتبدَّدت كدُخانِ
عجبًا لهذا القلبِ حينَ
يشدُّني وترًا
ويرجِعُ خائِبَ الألحانِ
ذنبي إذا أحببتُ
يخذلني الهوى
وكذالكَ الأحلامُ في الأوطانِ
ظَلِّي هنا و هناكَ
جرحًا دافِئًا
ظَلِّي فظِلُّكِ حارِسُ الأجفانِ
ظَلِّي عسايَ أعودُ
حُلمًا صادِقًا
من بدَّل الأوجاعَ بالإنسانِ
حقُّ الحبيبِ على الحبيبةِ
دعوةُ اطمئنانِ
يُنسفُ بعدَها الثقلانِ
في معطفي
بردُ الحياةِ
وقُبلةٌ شتويّةٌ خبَّأتُها لزماني
متمترسٌ بالشوقِ
خلفيَ دمعةٌ
وبجعبتي جيشٌ من الأحزانِ
وبراحتيكِ
سفينةٌ مكسورةٌ
تخشى على حزني من الطوفانِ
ألصبرُ أَرسلَ للغرامِ رسولَهُ غيثًا
سقى الأرواحَ للأكفانِ
والدهرُ قدَّمَ عُذرَهُ
والعمرُ حقَّرَ جذرهُ
والقهرُ لي عينانِ
ممنونةٌ للحزنِ يا بنتَ الفراقِ
وتحسُبينَ عقاربَ النسيانِ
الذنبُ ذنبُ الوقتِ حينَ عرفتكِ
الرمليّةَ الأولى لكلِّ كيَانِ
أنا لستُ أرجو في الحياةِ بقيَّةً
بيني وبين الموتِ
بِضعُ أماني
ياأيها المخلوقُ
من ورقٍ ونارِ ، علا طريقَكَ آيةُ الحرمانِ .
شعر : قاسم محمد العاني . سوريا
الكبار لا يكذبون _ نسرين محمد
السبت، 31 أكتوبر 2020
إلَّا رسول الله _ رهيف حسُّون
#إلَّا_رسول_الله
#وإنَّكَ_لعلى_خلقٍ_عظيم
#إنَّا_كفيناكَ_المستهزئين
رَسُـولَ الله، يـا عَـبَـقَ الـزَّمَـانِ
بِـمَـدْحِـكَ جَـاشَ بَـحْـري بِـالـمَـعَـانـي
ولـو أنَّ الـحُـروفَ مُـسَـخَّـرَاتٌ
لِـبَـثِّ لَـوَاعِـجِـي، لَـبَـرَى لِـسَاني
ولـكِـنَّ الـكَـلامَ، يَـكِـلُّ طَـرْفَـاً
عـنِ الـسِّـرِّ الـمُـعَـتَّـقِ، في الـدِّنَـانِ
فـلا الـعِـطـرُ الـشَّـرودُ، يُـجُـيـبُ سُـؤلاً
إذا عَـجَـزَ الـبَـيَـانُ عـنِ الـبَـيَـانِ
ولا الـنَّـفـسُ الـوَلُـوعَـةُ، في دُجَـاهَـا
ولا الــرُّوحُ الــمَـشُـوْقَـةُ لِـلـجِـنـانِ
سَـلِ الـزَّمـنَ الـمُـبَـعْـثَـرَ في جَـبـيـنـي
وهـل عَـيْـنَـايَ غَـيْـرَكَ، تُـبْـصِـرانِ؟!
فـلـو في مُـعْـجَـمي، مِـلـيـونُ حَـرْفٍ
لـضَـاقَـتْ عـن مَـديـحـي وافْـتِـتَـانـي
حَـبـيـبَ الـلـه، شَـمْـسُـكَ لـيْـسَ تَـخْـبـو
وذِكْــرُكَ حَــاضِـــرٌ فــي كُــلِّ آنِ
سَـيُـوْصَـمُ بِـالـمَـخَـازي مَـنْ أسَـاؤوا
وهل يَـرْقَـى الـثُـرَيَّـا، حِـقْـدُ جَـانِ؟!
وإن آذَوْكَ فـي رَسْــمٍ قَــبـيــحٍ
فَـسُـنَّـتُـكَ الـتَّـرَفُّـعُ عـنْ لِــعَــانِ
فـرَبُّـكَ قـالَ فـي الـتَّـنْـزيـلِ: [ إنَّـا
كَـفَـيْـنَـاكَ ] الـمُـسـيـئَ، مَـدَى الـزَّمـانِ
أُحِـبُّـكَ هَـمْـسَـةً، تُـرْوي كِـيَـانـي
وتُـسْكِـنُـنـي فَـرَاديـسَ الأمَـانِ
ضِـيَـاؤكَ أُنْـسُـنَـا، إذْ هَـمَّ خَـطْـبٌ
وغَـابَ عَـنِ الـسَّـمَـاءِ الـنَّـيِّـرَانِ
ومَـوْعِـدُنَـا بِـإذْنِ الله حَـوْضٌ
لِـتُسْـقِـيْـنَـا كـؤوسـاً مِـن جُـمَـانِ
وَنَـدْنُـو مِـنْـكَ، تَـغْـبِـطُـنَـا الـبَـرَايَـا
فـبُـشْـرَانـا بِـذَيَّـاكَ الـتَّـدَانـي
عـلَـيْـكَ سَحَـائِـبُ الـرَّحَـمَـاتِ تُـهْـمَـى
نَـجِـيَّ الـذِّكْـرِ، والـسَّـبْـعِ الـمَـثَـانـي
تساؤلات _ صلاح الخضر
الأربعاء، 28 أكتوبر 2020
عليك نبضي يصلي _ عمار العزاني
عليك نبضي يصلي:
من شرفة الشوق حتى واحة الشجن
قلبي يفر إليك الآن من بدني
وليس إلاك هذا القلب يسكنه
إني أحبك في سر وفي علن
ما الحب قل لي إذا ما كنت مغترفا
من بحر طهركَ ما تجري به سفني
من لي بغيرك بعد الله يبهجني
لما بدا القلب مملوءا من الغبن
إني ذكرتك والدمعات تغسل ما
بي من أسىً فمآل الذنب للوهن
صلى عليك الذي سواك من وهج
يا مهبط النور في ذكرٍ وفي سننِ
عليك نبضي يصلي كل ثانية
ما فاح من مكة عطر إلى اليمن
محمد خير مخلوق له انفتحت
عين السماء ، كأن الأرض لم تكن
يا سيد الخلق لي روح محلقة
ولي بذكرك أفياء من الفنن
عمار العزاني . اليمن
الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020
النفاج _ نسرين محمد
نسرين محمد . السودان
النفاج:
مذ أخبرتها القابلة بنبأ حملها الذي تجاوز الثلاثة أشهر ، كعادتهن ينتظرن فترة من الوقت تحت مسمى غياب ، حتى ينتهي الأمر بمقابلة داية الحبل الوحيدة في البلدة..
بدأت في التخطيط لاستقبال طفلها وبهجتها الأولى
سرًا لطالما كان إظهار الفرح بالمولود الأول عيبًا كما هو متعارف عند نساءٍ هنا ، حتى و إن قُتل أمام عينيها لا ينبغي لها قول شيء ، وقد تقضي إحداهن عمرًا كاملاً دون أن تنطق اسم طفلها الأول تجدها تردد " أخوكم الكبير ، يا هو ، كبير البيت ، سمي جدو " من العُرف أن يسمى المولود الذكر باسم جده..
قضت الستة أشهر المتبقية في الاستعداد ، أهمها دق الريحة ، وجمع قطع من الأقمشة الصغيرة ، خياطة بعض الثياب المتناسبة بالمولود أياً كان نوعه ، كانت تخفي سعادتها كما ذكرت
حتى لا يُقال أنها لا تستحي
تزامن ميلادي مع تحليق روح البقرة الوحيدة التي ورثها أبي من جدي
كان لرحيلها أثر أكثر من صرختي تلك
لأبي أربعة من نساء وعدد لا يحصى من البنين والبنات
قد ينسى شكل بعضنا والأسماء أحيانًا ، له ما يكفي من الأبناء
لذلك كانت فرحة أمي هي الغالبة ، لم يكن يعينه من الأمر سوى كم من الخراف سيهدر للعقيقة
يوم عقيقتي بكت السماء حتى سقطت بيوت القرية كلها
اضطر قاطنوها لتركها
قرأت عن الحادثة عندما بدأتُ في دراسة أسباب ضعف الإنتاج الزراعي في المنطقة عكس ما كان في السابق
لقب الأرملة الذي لازمني لعشرين عاماً الماضية أراه في تلك الارض ، تشبهني أو أنا من يشبها
بعد موت ذلك العجوز
وكتم الأمر عن السُلطات ، المحكمة كانت أسرية ، أخذ
أهل القتيل عدد مقدر من الأبقار و انتهى الأمر
في البيوت المغلقة التي تتنفس عبر النفاج يمكن فعل أي شيء
القانون هنا حكم كبير تلك البيوت ، لذلك الخلاص من حبل المشنقة سهل
لكن الخلاص من السنة نسوة البلدة قد يأخذ العُمر كله وما بعده
تذكر
أبي حادثة موت البقرة العزيزة والسيول ، هاقد حدثت كارثة أعظم كان الخلاص مني هو الحل..
تائهة في سماوات لا أجيد قراءة مافيها من سحب متغيرة
أنتظرك _ إسراء سعد
أنتظرك
إسراء سعد /مصر
أجدل شعري جدائل كثيرة،
أحلها جميعها ثانيةً..
و أنتظرك.
أفرط عدة ثمرات رمان
حبة.. حبة.
ثم ألقي بها في القمامة
أنا لا أحب الرمان..
و أنتظرك.
أصنع لك كنزة صوفيه
بلون عينيك..
أتخيلك، ستبدو وسيماً
أحلها ثانيةً،
أضع كرات الصوف مكانها..
و أنتظرك.
أخلع التقويم اليومي الذي بداخلي..
أُبعثر الأيام..
أُعيد ترتيبها في شرودٍ..
و أنتظرك.
أسمع صوت خطواتك على الدرج..
أبتسم في لهفةٍ ثم تنحسر ابتسامتي.
أفكر أنني سأريك آخر إنجازاتي،
لقد حللت الحب الذي بيننا
ولا أعرف كيف أعيده..
يأتي صوتك من بعيدٍ كأنه ضباب:
فيما أنتِ شاردةً؟
أستمر بالنظر إلى الطريق الطويل متمتمةً:
أنا
لم
أعد
أنتظرك.
لا زلت أرقبها _ إدريس سراج
لا زلت أرقبها
إدريس سراج. المغرب
شمس غرب سمائي
أميرة عذراء
ترجف
كلما لامسها غيمي
في دلال.
تتهادى
شرق صدري
تقصد قصرها.
السماء بحر
البحر سماء
و شمسي تشع
في ثغرها.
تغيب كلَّ سفر حلم
هي أميرةٌ تلهو
في عينيّ.
همسها منتهاي
عاشقة معشوقة
مقبلة مدبرة
فرس يافعة
نورٌ و نار
ماء في سماء
سماء في ماء،
و أنا نار بينهما.
شامخة أميرتي
تلج قصرَها
لتنام في صوري.
لا زلت أرقبها
حتى أغيب.
الاثنين، 19 أكتوبر 2020
المقصورة _ بقلم: فاتن فاروق عبد المنعم
المقصورة _ فاتن فاروق عبد المنعم _ مصر
تلك العيون الرانية، تتصدر رؤوس تلتوي تجاهنا حيث نكون، متطلعة إلى ألق، منذ أن كان يتقدم على مهل، ألقاه الله علينا من لدن حكيم خبير، نحمل الرسالة نجوب بها الأرجاء مبشرين ومنذرين، نتكيء عليها كما كل حاملي مشعل الهداية، فكانت لنا صولات وجولات أقضت مضجعهم، هم الذين كانوا يهدون الناس سبل رشادهم ولا يريهم إلا مايروا، فهبوا على قلب رجل واحد لينقضوا علينا فكنا لهم بالمرصاد ووقعنا باسمنا في صفحة الأمجاد، لفحت شموسنا وجوههم، وأحرقتهم فردوا مدحورين.
وفي غفلة منا تسللوا ينبشون القبور ويقلبون أرضنا الزاخرة، ليضعوا أيديهم على موطن قوتنا، بعد أن رأوا طريقتنا المثلى في التدوين، بأن نلقي فسطاطنا حيث حطت أقدامنا بهدي متن إلهي، كأننا نمتطي الريح لنصبح في الصف الأول، فبهرنا العدول الذين أشادوا بفعلنا، وأوغرنا صدور الحاقدين لتضطرم النار فيها، فعزموا على وجوب حلولهم بيننا.
وفي غفلة أشد وأنكى، بعد أن ميلنا إلى الدعة والاسترخاء وخالفنا هدي الأول تكدرت سمواتنا ورانت الظلمات على قلوبنا فأسملت عيوننا وضللنا فإذا استفقنا وحاولنا رد الصائل ألفينا أنفسنا في مرج التيه.
نبحث عن باب الخروج، والمزلاج بأيديهم، أرهقهم التدافع، تركوا المزلاج ليفتح الباب على مصراعيه، ليقودنا من صنعوهم على أعينهم، أبواقهم بيننا، اطمئنوا لكونهم سيبثوننا كل ما أرادوا، رسلهم بيننا، فعلوا بنا ما لا يخطر لهم ببال، تلك المسوخ، في ظاهرهم منا وماهم منا.
بنورة شفيفة، مكعبة تبين ما بداخلها في واجهة المتحف بالخارج فوق قاعدة حجرية كبيرة عالية ليراها الكل في غدوهم ورواحهم، لتأصيل محتواها في داخلنا، صنعوا الشخوص الممثلة داخلها على أعينهم، عنوا بتكوينهم كما أرادوا، كأنهم ارتسموا سمت كل منهم بالشكل الذي يرضيهم.
كأنها متحف مفتوح، متاح للكل، هؤلاء الذين رحلوا بأجسادهم فقط بينما هم مليء السمع والبصر، سيرتهم تحفل بها مختلف الشاشات والإذاعات والكتب المدرسية، والقائمين على هذه الوسائط مذعنون، ليحفرونهم داخل البراعم والطلائع، فيمتزجوا بمكونهم فلا ينفصلون عنهم أبدا، صانعهم يراقب المشهد ويصيخ السمع خشية الانفلات من قبضته.
ونحن دائما مفتنون بصنعة الآخر، لأنها الأجود، حتى البشر، كل منتجهم مرغوب فيه، النساء تتوق للبشرة البيضاء والعيون الملونة والشعر الأشقر، فتلفظن ألوانهن الطبيعية وتلجأن لما يحقق لهن مبتغاهن.
الصانع يرانا كما أراد فيطمئن داخله، كلما لاح له من بعيد ما يشير إلى انفلاتنا أسرع لتدارك الأمر.
ثبات الأحوال يشي بالاستقرار المأمول لهم، مازال الكيانات التي صنعها في بلادنا ترقد بين الثريا زيفا وعنوة، أطلق عليها كنيات نرددها ونرتضيها.
عكس السائد يصرحون بالحق والحقيقة، فيراهم الصانع العبد الآبق، والآبق لابد من عقابه، فيقبر حيا وميتا ولكن هيهات هيهات، يأبى الله إلا أن يتم نوره.
هيئة الأرصاد تعلن عن حرارة الجو الخمسينية في الظل وتحذر من الخروج وقت الظهيرة أو التعرض لأشعة الشمس لساعات طويلة.
البنورة المغلقة تحيط بها الشمس من كل الجهات والشمس بمكونها الهائل فضاحة، البنورة تحبس الحرارة ولا تسربها، تماثيل الشمع تبدأ في الانصهار التدريجي حتى تسوى بالأرض، بألوان كثر متداخلة، خمس وستون فقط هي درجة حرارة انصهار الشمع، صنعة الآخر رديئة، هذه أول مرة يدرك فيها العامة والدهماء أن صنعة الآخر رديئة يمرون من أمام المقصورة مذهولين، جحظت عيونهم وفغروا أفواههم غير مصدقين.
قام العمال بحمل أقراص الشمع مختلطة الألوان والتي تجمدت ليضعوها في سلال القمامة ثم هرعوا إلى تماثيل أخرى بالداخل بين الجدران والأبواب المعتمة، لا يراهم أحد ولا يعرفهم العامة والدهماء، مصنعون من معادن مختلفة، متدرجون في الجودة والقيمة، يتراوحون بين النحاس والبرونز والذهب والفضة وقليل من الماس، يعلوهم التراب لتغيبهم القسري.
قاموا بمسح الأتربة فتجلى بريقهم للعيون، هذه الكيانات صنعت على عين أجدادنا الذين خرجوا من أرضنا الخصيبة، الرحم الأول.
الصانع ممتعض، صرحه ممرد يشف عن ما بداخله، لم يكن بحاجة لأكثر من خمس وستين درجة ليتهاوى، الشمس هي أصل الحياة على الأرض، والأصيل لا يتبنى الأكاذيب.
الاثنين، 12 أكتوبر 2020
صرخة ) بقلم عمار بحلاق . سوريا
السبت، 5 سبتمبر 2020
وطن_ عمار بحلاق
وطن. عمار بحلاق. سوريا
رتّب أدواتِه وألوانَه بعنايةٍ فائقةٍ؛ ونصب حاملة اللّوحة أمامه.
الجرف الصخري يطلّ على وادٍ أخضرَ يلاحق فيه الأطفال فراشاتِ الربيع بين أزهار السوسن والأقحوان بينما تمتدّ زهور الشقّار الأحمرَ على خطّ الأفق الناعس.
استنشق ملء رئتيه؛ وهمّ يرسم عينيها.
الجمعة، 4 سبتمبر 2020
الوجه الماطر _ سلوى إسماعيل
سلوى إسماعيل _ سوريا
..........
غريبان
في الخيال
نتشارك ظل وردة
قبل أن تغفو
لنتحرر من قفص المسافة
على مائدة الليل
نتقاسم كسرة شوق
نؤلف مقطوعة موسيقية
بحجم اللهفة
نراقص أكواب الغياب
نحيط خصر الصدفة
بغصن أخضر
الوجه الماطر
غادر غابة الصفصاف
وشهوة الجدول
وحدها الرّيح
تثير رعشة الساق
لتتساقط نوايا الشجرة
ورقة ورقة
أنا ذاك الحلم الخفي
في ثنايا العقل
القلب
كنسمة شقية
أتسرب عبر مسامك
لحناً ثملاً
ينزع قميص ليلك
زراً زرا
ينثر قمحك
يعجنه بلعاب اللحظة
حتى تنضج
رغيفاً شهيّاً
يمضغه الليل حتى مطلع الفجر
السبت، 29 أغسطس 2020
وصية حب وحرب_ عفاف حسين الخطيب
عفاف حسين الخطيب
وصية حب وحرب
"ناديا"... يابنة الياسمينِ ذات الصّوت العندليبيّ..
من المُؤكّد ستَسألينني لِماذا لَم أضع تاريخاً أو عنوان ؟! فَأجيبكِ واليأسُ من وصولِ هذه الرسالة يُقيد أُمنيتي بحبالٍ من الخيبة،
وإنْ كُنت لا أتجاوزُ القواعدَ بِهذا؛ فمن الأفضلِ أن تَبقى على حالها لأنني حقاً لا أملكُ موعداً دقيقاً أعِدك به،
ثمّ إنّ رسالةَ القلوب لا تحتاجُ إلى كل هذا الهراء، فاطمئنّي يا حبيبتي .
أمّا بَعد....:
أتراني حقاً أَسرفتُ في التّفكيرِ حتى استقامَت تلافيفُ دِماغي صفاً واحداً؟! أم أنّني سأموت قبل أَن أُكمِل طُقوسَ دفنكِ في داخلي وكأنكِ تَتشَبثِين بالتعريجةِ الأخيرةِ من نبضي قبلَ استقامتِه ؟!
هُنالك الكثير من الأسئلةِ التي تتخبطُ في رأسي، تطرقُ نواقيَس غفوتي بمدقةِ الاستفهام المُفرط..
ماأدراني؟ الحياةُ عاهرة وإنّ الحربَ لَيست نزيفٌ خارجيٌ وأصوات قنابل!؟ ثم إنّ الفقدانَ لا يعني ما خَسرته جَرّاء هذا الصّراع!
فالقبحُ لا يكمِن بعددِ الأشلاء التي لفَظتُها الجِثث و ابتَلعتُها عُيوني..
أسألُُ نفسي في كلِ مرةٍ!!
في كل مرةٍ أعودُ فيها من خطِ الجَبهةِ سالماً، وأنا أتحسسُ يَدي دونَ أنْ ينقصُها إصبعاً واحداً، مع جسدي الذي أنقُذه قبل أن يأكلُ الرصاصُ شطراً منه...
كيفَ لِطابقي ذاكِرتي أن يَحتفِظا بهذا الكمِّ الهائلِ من الأحداثِ ؟؟ مثلَ تواقيعٍ توثقُ صِلتُهما بي، وأنا الغَريب الذي لا أذكرُ من الأمسِ سِوى أنّني استطعتُ النَجاة من فمِ الموتِ مرةً أُخرى قبل أن يُبلعمني..
أتراهُما كَانا يُدوناها على جُدرانهما القَديمة كما يفعلُ العاشِقون في شوارعِ دمشقَ ينثِرون الياسمينَ حروفٍ من الحبِ هُنا وهُناك ؟
أمْ أنّها كَانت جُرحاً قديماً ينزّ على عجلٍ فَازدرَمتُها دفعةً واحدةً خشية من الغرقِ والنسيانِ ؟!
ثمّةَ صوت يهمسُ مِراراً في أُذني، يَسألني قَتلكِ في داخلي قبل أن تَحتليني، مثلما أفعلُ دائماً مع العدوّ، فَقلبي أيضاً أَرضي،
أَرضي....
التي ما لاقت أرضاً تَحتويها غير أنكِ كُنت في رُدهةِ أعماقي مُتعلقَة بأوردتي التي تخفقُ حُباً لكِ وحدكِ،
ويستحيلُ عليّ.....
يستحيلُ عليَّ قتلُ هذا الوجهِ المَلائكيّ، قتلُ تلكََ العيون التي تحتضنُ مجرّاتَ الكواكبِ بين طبقاتها ،تلكََ العيون التي يَتهاوى منها ألفَ نجمٍ كُلما تحدثتِ،
والصّوت يزداد خفتاً
ماأكبركَ من غبيّ!!
ألا تُؤمنُ بالنّصيب؟!
تعتقدُ أنّ الوفاءَ رابطاً مازال موجوداً ؟!
إنّ الانتظار لا يليقُ بفتاةٍ مثل "ناديا" ، سائقُ القطار لن يدعها في المحطّة وحيدة يا عزيزي،
وأذكرُ أنّك مُلحدٌ بدينِ الأمل!!
ما الوحي الذي ألهمكَ بإيمان اللقاءِ بعد هذا الزمن؟!
وبينما اليأسُ يأكلُ الكسرةِ الأخيرةِ من رغيفِ الأملِ الجاف الذي مرّ عشرَ سنوات وأنا أقتصدُ به خوفاً من ليالي حَذّرتني منها جدتي...
ليالي أبيتُ فيها دونَ قطعة واحدة ،
قبل أن أتلوذ على نفسي كي ألاقيكي في منامي وأخبرك عني،
النوم لا يعرفُ سبيلاً إلى عيني، أتربع في كنفِ الهزيعِ صديقاً ينحبُ لي وأنحب له ، فهو الآخر أنهكهُ غياب النهار
"ناديا"....
إنّه الشهرُ الثاني الذي يمرُّ بدون زيارة منكِ، بدأت أسأمُ من خرافةِ ُعُذر الغائب
الصّوت يراودني ثانيةً، يملأُ شحمةَ أذني بهمساتٍ غبية قاتلة ...
يالكَ من غبي! ألم أحذّركَ من خيانةِ السلاح؟
حينما يكتسيك العجزُ والنّدم والشجن سوياً؟
حينما تستدعي الأجلَ ولا يلبّيك؟
يبدو وكأنَّ شيطانَ الشكِّ عقصني فعلاً
فتصرّفاتي لم تكن مجانبة للمعقول حتى غدوتُ أعتقد بصحة قوله
والشيب يملأ رأسي، يسلبُ مني ربيع أيامي!
مدوناً بهالاتهِ السوادءَ خرائطَ أسفلَ عينيَ على متنِ روحي الخائبة كي لا أتوه عن نفسي إذا ما أردت الاستدلال يوماً ما ...
وبالرغم من أنّ إكسير المعجزات لم يكن موجوداً في داخلي مرة لكنني أعترف بشبه قناعتي بوجوده..
فاليوم قد حُدِّدَ موعدُ تسريحي من الخدمة، وأنافي طريقي إليكِ، قلبي يسبق قدمي،
"ناديا"...
إنني أخشى الفراق بعد الفراق، أرجو أن تكوني قد استملت رسالتي، لن أتأخر يا حبيبتي
وداعاً للعالم وأهلاً بكِ.
ثمّةَ اعتراف آخر ...
إنّها الكلمات الأخيرة التي كان يودّ إخبارك بها قبل أن يكمل الموتُ مضغه جيداً في صراعهِ مع اللحظات الأخيرة من مغادرة الحياة ولقائها
ولأنّ المَنية كانت تخشى خشيته من الفراق ستدعه ينتظرك في الجنة ربما يكون لكم هناك لقاء!!
#صديقه الخائن الذي تمسك بإبرة القلم كي يُضَمدَ قلبكِ وتَرك جرحه دون خياطة
#عفاف حسين الخطيب.
الجمعة، 7 أغسطس 2020
(حديث مع أشباحي): بقلم عماد أبو أحمد . سوريا
الثلاثاء، 4 أغسطس 2020
قبضة روح : بقلم عفاف الخطيب . سوريا

الأحد، 26 يوليو 2020
( محاكمة ): بقلم ريان جربوعة . الجزائر
ريان جربوعة . الجزائر
( محاكمة ):
تم إعتقالي في ساحة أمام البشر
كبلوا يديّ بأصفاد برودتها
ساقوني إلى المحكمة ولا أزال أعانق السهر.
تحامى الدفاع بأني أروح ضحيةً للغدر
قلت:
نعم سيدي فهذه ليست صدفة إنما حيكت تحت عباءة القدر
هذا الزمن الذي تسيطر فيه أسياد الشر.
ألا تخافين؟
قلت: لا؛ لست من يختلق الأعذار
أنا من ولدت من رحم علمني معنى الإصرار
وتعلمت الصبر في بلد أنجبت الأحرار
فإن كان بعضها لصدق خائفين
فنحن البقية وللأمانة من الحافظين
قال:
أدهشتني شجاعة من درس علم القانون
حقا جريمة بأصابع الفنون
ياسيدي هل أصابتك حروف الجنون؟
قال: وهل في غيابك يبقى معنى لحرف النون؟
قلت: احذرك من الغوص في عمق البحار
لاتكن لهم عنوان الاختيار
أهذه بداية أم هي انتحار.
السبت، 25 يوليو 2020
انتظار: بقلم وفاء عبد الحفيظ . مصر
وفاء عبد الحفيظ . مصر
( انتظار ):
على خارطة الغياب
على أحرف الوله نثرت
قصائدي
حين أمسكتُ بنبضي الحزين
تأوهت حروفي بين تمتمات الروح
أنتظرك عند خيوط الفجر
حين يشق الصدى نبع الحب
بين طيات الوجدان رحت أفتش عنك
حين الأماسي القمرية حيث
سكون الكون
حين تعزف حروف العشق
أجمل الألحان
حين تتضافرخميلة أغصان الوله
أنتظرُك على أنين الشوق
حين رأيت ظلك أمامي
خلتُه الوهم الجاسم على صدري
وقتها أشعلت نار الغربة المحرقة
في فيض الحب
أضرمت نيران العشق
كالنار تأكل في الهشيم
أنتظرُك
أيها العالق بين الروح
أيها السابح في الأعماق
أيها الحبيب الغائب
الحاضر في حنايا القلب
انتظار القلب حين تتمزق
أوتار العشق بالغياب
حين تتوسدأنفاساُ عشقتها
حد الألم
على خاصرة اليقين تائهة
أضمد جراحي
أطبب جروحاً غائرة حد النزف
أعود ألملم شتات الروح
حين بعثرها غيابك
أنتظرُك على حافة الأمل
أراك يانبعي الوارف ارتواء
يامهجة القلب بلا رياء
يانوراً أضاء لي السماء
أنتظرك عند خيوط الفجر
الموشىّ بزهر الحب
حين تبعثرني تأملات تأتيني
نسمة رطبة حانية
تزيل ماتقاطر من دموع
تجري على وسادتي
حتى بللتها كأمطار هطلت
أنتظرُك على وتر القلب
يأتيني بك لتضخ الحب
في العروق
حينها يتحرر النبض ويعيد
للقلب الحياة
تنتعش دقاته بهطول زخات
العشق
هيا إلىّ أقبل إلى عرين الحب.
( مؤتمر العفاريت ) بقلم عمار بحلاق . سوريا
عمار بحلاق . سوريا
( مؤتمر العفاريت ):
احتدم النقاش في بئر برهوت، تحلّق العفاريت حول انترخسيوس لتلقي المهام، فقد أعلن الأخير لحظة النهاية وأوعز لجنوده أن يستنسخوا تنين اللابو من جديد، وأوكل إليه مهمة ابتلاع ماء الفرات حتى تنكشف جبال الذهب، كما أوعز لأم الشعور أن تتحيّن امتلاء سد الجنوب لتنقر جداره وتغرق وادي النيل.
الاثنين، 20 يوليو 2020
الحزنُ لا يزعجني: بقلم سلوى إسماعيل . سوريا
سلوى إسماعيل . سوريا
الحزنُ لا يزعجني:
هذا السكونُ
المتكيء على خاصرة
يومي النزق
يغيظني
هذه الرّيح الصاخبةُ
على أطراف وحدتي
تثيرني
تشتت أنامل الفراغ
وهي ترتق آخرَ شقٍّ
في خيمة السماء.
***************
هذا الحزن الناعم
يذوب كقطعة حلوى
ممزوجة برضاب اللحظة
هذا الحزن لا يزعجني
يتسلل بعذوبة ساقيةٍ
تدغدغ حصياتِ لهفتي
تدحرجها برقةٍ حتى آخر شهقة.
****************
الرّيح الثملة
تجدّل أعصابي ضفائرَ
تهديها للبحر
لتهدأ شباكُ الصيد
المرمية عند خط الأفق
السكون امتلأ بغبار الفكرة
غمس قلمه بمحبرة الشوق
ليخط هذه الكلماتِ الخرقاء
حافيةً تعبر جسر الغربة
بحثاً عن وثيقة تثبت
أنها مازالت على قيد الحبّ.
الأحد، 19 يوليو 2020
على حبلين أمشي: بقلم شمس الدين الغانمي . تونس
شمس الدين الغانمي . تونس
على حبلين أمشي:
على حبلين.. أنا أقف..
تارة أمشي،
و أخرى من حِملي.. أرتجف،
لكنّ، صمتي ضجيج كعادته،
فكيف اليوم يختلف؟
وأسئلة الرأس لا حدّ لها،
و قلّما ليلاً بها رأسي تعترف.
*********************
على حبلين إذ أقف،
تمضي الطريق
تقتاتُ ،من عمري، صدى همسي
لنجمٍ دلّني ، زمناً
على أحلامي التي بها صَلَف،
موتوداً، و خابرتها..
ما ردت مشاكَستي
تُرى هل في غيهبٍ تاهت؟
و اختفى القنديل في بعض أسئلتي :
فكيف يا قصّاص تحكيني؟
حين لا تُحاكيني،
و أنت الآن
من يصفُ.
******************
تمضي الطريق
و أنا مَن على رخوِها، يقف
فيا عيناي كفى عبثا
قلبي الذي بات يكذّبني
بعضَ الخلد، مازال يلتحف!
*****************
تجمّد التوتُ ما بين دمي و فمي
كمقاصل للروح،
تشتهي الرقص
كلماتي التي جيدُها نحِف
أغازلني حين أذكرها،
فيُنسيني، عن كُحلها، الشغف
أُراجعني متى أصل
لأطيافِ ريمٍ ،
عن تخوم القلب تنفصل ؟
مَن خاطت الريحَ لأشرعتي
رويدكِ
على حبلايا، أنا موجودٌ أنا أقف
الطفل فيّ، ما زال يُسائلني
و أنا..
بعضَ سودِ في شيباتي
مازلت أكتشف.
فيا ليت شعري
هل أستقيم، والحرف عن اللّب.. ينحرف ؟
و يا ليت خوفي ...
هل أرتق الحبل للريح ثانية ؟
أسأل الموج الذي قد جابل غضبي :
قلْ يا جدّافُ ،
وطني ...وطني
متى؟
متى يقف.
سبات: بقلم عفاف حسين الخطيب . سوريا
عفاف حسين الخطيب . سوريا
سُبات:
أخذ صدأ اللامبالاة يتآكلني، لم تعد غريزتي بالبقاء تنشل صَبابة مهجتي في عناق أجلها،
غير أنني حاولت كثيراً لاستعادة نفسي التي استقرضها البؤس منذ ولادتي وكأنني أعيش وصب القبر فوق التراب،
محاولاتي التي سحقها شظف السنين في التماس السبل لإقالتي من جمودي شكلت حائلاً بيني والحياة وقد تكدّست على ظهري، أكابد صقل الأيام بكل برود ،والزهد يملأني شيئا فشيئاً، يلتفني بشعور متخثر جملته العصبية متأذية لا تصلح لنقل رسالتي إذا ما أردت الصراخ تعبيراً عن ألمي ،لأجدني أقفر في عمق الخمول
والشجن يخددني،يجوّف قلبي بخنادق من الاستسلام التي جعلت بطيناته تزيد عن الأربعين لشدة ما حفرت معاركي الذاتية به من ثغرات ،لكنني ترجلت نحوه بحيلتي المبتورة وبصيرتي العمياء ،أتسكع على رمقي المتبقي من نزيف ديمومتي محاولة إسلام روحي كخطوة غير ثابتة من امتطاء الراحة.
إلا أن حدود المسافات القصيرة التي أقامتها الحياة في وجهي منعت شغفي من المرور كي يعانق السرمدية، مثل لاجئ يحمل أمتعته في ذاكرته التي تعاني من عوز الإحساس وضياع النسيان
وبكل قواي حاولت احتوائي لأجدني أنفذ من نفسي بوعي وبدونه.
كنت اقتباساً مبصوقاً من فم الوجل وماعادت شهية الفرح تتقبلني ،رمتني قرفاً على هوامش الوجود وكأنني هفوة الزمن ،التي سيدفع أغلا مايملك في إصلاحها مهما كلفه الأمر من المشقة ليكون سوءه كافياً في تعذيبي .
بوصلة الحقيقة الكبرى: بقلم الدكتور سامي محمود ابراهيم . العراق
الدكتور سامي محمود ابراهيم . العراق
بوصلة الحقيقة الكبرى:
رقصة فرح العالم تغرد في الكون وفي لحظة وجودنا الهاربة منطق عشق يبدأ بالسؤال: لم صرنا والوجود؟ ..
وقبل جوابي الذي يحمل روح السؤال ذاته.
أضع إلى يميني وردة، وإلى يساري قلما، أضع مابينهما أشياء أحبها، وأتخيل تيمناً بما وعدنا به الرحمن، أنني صاعد إلى السماء، ثم أسأل نفسي: أي الوجودين أحب لي في هذه الرحلة؟
جسدي الذي كنت به موجوداً، أم روحي التي فاض بها الوجود..
ولا شك في أن جوابي سيكون: أنا.
أنا إن أردت أن أكون، أكون موجوداً
فالإنسان مكتوب فوق سراب على رمال الوجود وشاطىء الحياة.
هو مقامر كبير، يلعب على ورق المستحيل، يؤثر الوجود العابر على الوجود الباقي بغية إرضاء الأنا الفارغة التي لم تسمع لحن الوجود ولم تفهم لغة العالم.
ألم يحن إثبات وجوهنا( وجودنا) في التراب الزائل؟.
فمنها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
ما أقصر الساعات في اليوم ، وما أقصر اليوم في الأسبوع ، وما أقصر الأسبوع في الشهر ، وما أقصر الشهر في السنة، وما أقصر السنة في العمر، وما أقصر العمر في سنوات الكون الضوئية.
لم يعش الإنسان حياة الذرة... الإلكترون، البرتون ، النيوترون الكوارك ودورات عشقها حول نفسها وحول بعضها.. طاعة بمنتهى الخضوع، سجود بمنتهى التسليم ، نواميس بمنتهى الدقة.
أما العبد التراب الإنسان الطين فقد دار حول ذنوبه مرات فبلغت عنان السماء، مثل زبد البحر. اللهم اغفر جرأة إنسان الطين فعلى امتداد اليوم يسلم اعتقاداً ويؤمن شرعاً وخلقاً ، لكنه على حين غفلة من هذا اليوم القصير ينسى لفطرته المجبولة على الخطأ والنسيان، ويتقلب بين الكفر والإيمان بين الخير والشر. الله أكبر من شدة تقلب القلوب.... سبحانك ربنا يا من كتبت على نفسك الرحمة.. يا من رحمتك وسعت كل شيء.
كانت البداية كنزاً مخفياً ، ثم شاء رب العالمين أن يخلق من العدم الى الدخان الى الماء الى مليارات المجرات والنجوم والافلاك ..... من تراب الى صلصال الى خلية الى مخلوق يكتشف الكون ويبحث في اغوار السماء الدنيا الاولى فيعرف انه يقف عند حدود وسواحل محيط العطاء والخلق الرباني. كيف لطفل « العقل البشري» ان يعبر كل هذا بمركب من الورق. ففي دنيا الغيب وعالم الامر لا تنفعنا قوانين العقل ومسلماته.. فللطيور عالمها وللاسماك عالمها وللعقول البشرية عالمها الخاص أيضا. فهي في هذه الدنيا لم تنشأ النشاة الاخرى حتى تهتدي بامر الله . الله اكبر من كل شيء....... لا تحيطه الظنون ولا يصفه الواصفون.
الله اكبر لا يدنوا القياس له
ولا يجوز عليه كان او صارا
ففي النهاية:
للعقول حدود لا تجاوزها
والعجز عن درك الادراك إدراك
فمن رحمة الله ان غيب عنا القدر.. رحمة الله تعالى هي النسيج الذي يحكم الكون، هي القانون الذي يسري على الوجود. هو سبحانه اكبر رحمة واكثر من الوالدة بولدها.
بكى جلال الدين الرومي عندما سمع قوله تعالى« يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه» بكى الرومي لرافة الله وحلمه بعباده. فالله تعالى يتوعد اثم الارتداد عن الدين بارقى ما في الوجود من مشاعر الحب، فالقيمة الوحيدة التي تقف على نقيض الردة والشرك هي حب الله تعالى. واذا كان الحب يساوي العطاء فعطاء الله ليس له حدود اما عطاء الانسان وقدرته فمحدودة. ولذلك اوجب الله تعالى شكر النعم بدلا من العطاء ، ويجعله سببا في زيادة العطاء. ...سبحان المعطي
عباراتهم شتى وحسنك واحد
وكل الى ذاك الجمال يشير
في النهاية سنحاسب بعدل الله ورحمته . وللعدل رحمة تشفي صدر الكون المليء بالمظالم والاثام .. فالنتزكى
فاخلعوا الانفس عن اجسادها
فترون الحق حقا بينا
وهنا انتهى ديوان شعري الى ان رقصة فرح العالم تغرد في اذاننا جميعا، وبدون الرحمة والحب تتحجر القلوب ، خاصة بلاغة الكلام ارحم من بلاغة الواقع ..... هذه هي العقيدة الربانية كتاب الله المسطور يؤيد صفحات الكون المنظور.
اريج العقيدة من شذاها يعبق
وتكاد تنطق لو اطاع المنطق
مقطع من رواية: ابنة الشمس . أمل شيخموس . سوريا
أمل شيخموس . سوريا
من رواية: ابنة الشمس
ما هذا العالم المصنوع من الكرتون والزجاج ؟
إني أراهُ عالماً عاجزاً عن الإحساس والمحبة والحياة .. عالمٌ يفتقدك، إنَّهُ عالمي المليء بالوحشة والفرقة والغربة ..
غريبةٌ .. غريبة يا حُبيبات الفؤاد القريح .. أحبكَ يا صميم الفؤاد النازف يالك من أحمق ! كيف تحرم نفسك مني؟
فأنا الجنَّةُ التي ستُسعدُ فيها لا محالة وسترثُ الملك فيها وتصبحُ سيد العالم المشنوق بانتظارك المر.
أريدك شعلة محبةٍ تضيء لي الطرق المظلمة ، أفتقدكَ ولا أحد يأخذ مكانك الشاغر في روحي فكل الذين تقدموا لاحتلال مكانك الشاغر عجزوا وباؤوا بالفشل، فأنت سيد الرجال فمُدَّ كفيك إلى مملكة الغنج والدلال ولن تندم لأن أصابعكَ ستتلون ذهباً وزمرداً ومُرجاناً ، لا تتردد ياقرحة الفؤاد المذبوح برموشك كالشفرات الحادة التي حلقت في عالمي نسراً ملوناً ، كل لونٍ من حياة وكُلُ حياةٍ من هول أهوال حبك لا تدعني أنعم بالسلام .
في حبكَ رأيت العويل واللهيب، في حبك البخيل مشتاقةٌ إليك، مشتاقة ياطنين الذكريات العنيدة التي لا تأبى أن تفارق مخيلتي النازفة ، ياساكناً في اللاشعور ، في العقل الباطن.
أتمنى الرحيل عن الأرض مادمت إلى جانب غيري.
ألا تفكر في أنكَ خلفتني وحيدة في عالمٍ موحشٍ لا أجد فيه سوى الذباب الخبيث يحطُ على خرائب أحلامنا المدمرة ؟
الأربعاء، 15 يوليو 2020
قراءة في ديوان ( وشاية قلم ) للشاعر السوري حسن قنطار. بقلم الأديبة الدكتورة هبة ماردين.
قراءة في ديوان ( وشاية قلم ) للشاعر السوري حسن قنطار. بقلم الأديبة الدكتورة هبة ماردين.
وشاية قلم ديوان شعر للكاتب السوري حسن قنطار،
من إصدارات دار ديوان العرب للنشر والتوزيع \ مصر
وشاية قلم ديوان شعر موزون، يحمل بداخله مجموعة من المواضيع والخلجات الروحية التي تستحوذ على ملكة عقل القارئ وتسكن قلبه دون استئذان، حيث تفرد الشاعر في أسلوبه الشعري وانتقائه لمفرداته بعناية وذوق خاص، فنرى في كتاباته لوناً شعرياً لم نره منذ زمن الشعر القديم الذي يمتاز بالفخامة، الشاعر حسن قنطار ابتعد قليلاً عن المفردات المتداولة في عصر الحداثة أو الشعر الحديث، واستخدم مفردات أكثر بلاغة وصوراً بيانية جميلة وسامقة، فكانت نصوصه أشبه بالمعلقات وإنَّ أقرب ما يخطر بذهن القارئ أثناء قراءة نصوص الشاعر حسن قنطار، هو الشعر الجاهلي فقد عاد بنا الشاعر إلى عالم امرؤ القيس وأبناء جيله من خلال أسلوبه في فن كتابة الشعر.
أما عن مواضيعه التي تناولها فهي قضايا اجتماعية وبعض الوجدانيات والحب والغزل، حيث وشى لنا قلمه عن مكنونات روحية تفجّرت على شكل حروف مرصوفة بشكلٍ مهندسٍ ومنمق فوق السطور التي تحتضن كلماته، أما الوطن الجريح فكان جُلَّ همِّ الكاتب ووجعه الأكبر، فباح بكل مواجعه ولم يستطِع كبت هذه الصرخة، وهل هناك أغلى من الوطن؟!!
نرى في ديوان الشاعر حسن قنطار الكم الممتع من القصائد التي تأخذ القارئ في رحلة شعرية بين الماضي والحاضر من جهة الأسلوب الفني، كما تأخذه في رحلة أخرى ليرى من خلالها جمال ما وصفه الشاعر من شخصيات داخل نصوصه.
لقد أبدع الشاعر فيما كتب وقدم لنا نتاجاً أدبياً قيماً، نتمنى له كل التوفيق والتألق والعقبى للمؤلف الألف.
د. هبة ماردين . سوريا
الثلاثاء، 14 يوليو 2020
/ أنا / بقلم عبد المنعم عامر . الجزائر
عبد المنعم عامر . الجزائر
أنا:
خمسة وعشرون عاماً، أو أحزن قليلاً
شعري أسود وعيناي بنيتّان
طويلٌ كالعطش
كتفاي عريضان
ربّما كنت سأولد بجناحين
لكن لسوء الحظ مسّني الشيطان
فلم أكن ملاكًا ولم أجرّب السماء.
*****************
ظهري أحدب للأسباب التالية :
لطالما أرهقتني أحلام أمي
بأن أكون طبيباً أو مهندساً.
وأحلام أبي بأن أكون إماماً أو خطيباً.
لكنني لم أوفّق في الدراسة
لأنني كنتُ حشّاشا وزير نساء.
انتقمت من كل هذا وأصبحت فاشلاً
شاعراً لا طائل منه سوى الكلام الجميل.
******************
لدّي ساقان قويّتان
هأنا واقف منذ قهرين
وسأركض هارباً كلّما زاحمني الفرحُ
أو زارني أصدقاء قدامى
كل شيء سلبي في حياتي
ما عدا فصيلة دمي (ب /إيجابي)
لدّي معدةٌ ضعيفة
كنتُ أريدُ أن أعيش سعيداً
فشربتُ كل أنواع الكحول الحادّة
نعم ارتديتُ الفرح لياليَ كثيرة
لكن بضمير من نَدم.
***************
لدّي قلبٌ غير مفهوم ومزاجي
لطالما ورطّني في نساءٍ وخيبات كثيرة
قلبي كلبُ بادية
إنه يركض نحو الجميع بلا هوادة
لدّي فوبيا من المرتفعات والصمت
المرتفعات انتحار
الصمت جنائز.
***************
لدّي أربع أخوات إناث وذكرٌ وحيد
أحب الكبيرة بضعفِ الذكريات المشتركة
والأخريات أضلاعي كلما بكت إحداهن
يضيق نفسي ..
أخي دخل حياتي فجأةً ..
لا أهضم دخوله المتكرر لغرفتي
لكنني أحبه كلّما غبت وأخاف أن يشبهني.
******************
أبي نقطة ضعفي الوحيدة ..
لطالما توهّمت أنه نبي لكن الأنبياء لا يدخنون
أمي مخزنُ ذنوبي وأخطائي
لقد أرضعتني خمس سنوات كاملة
بحجّة أن تكون لدّي عظام قوية
لهذا وكلّما اشتقت لها تؤلمني مفاصلي.
*****************
أحلم بأن أصبحَ كاتباً كبيراً
أجول العالم وأظهر في التلفاز ..
لأنتقم لعائلتي الفقيرة من أحاديث القرية ..
بأنني مجنون وأحدثُّ نفسي أغلب الوقت.
******************
المرأةُ الوحيدة التي سأحبها
ربما لن تكترثَ لأمري وستمضي في طريقها
فخورة بإنجليزيتها الجيّدة وأظافرها الملوّنة.
لكنني سأقول لها الٱن أحبك
لربّما تقرؤُها في حضني بعد سنوات .!
أغلبُ ملابسي سوداء
لوحدي أمشي
في جنازة هذا العالم المسكين !!
متى ينتهي كل هذا لنعودَ عراةً كما البداية .
الأحد، 12 يوليو 2020
( ثمّ ): بقلم رأفت حكمت . سوريا
رأفت حكمت . سوريا
ثمّ :
وبعدَ أنِ امْتحَنْتَ الأشياءَ بنفسِكَ
قلتَ لامرأةٍ مُدمنةٍ عليكَ:
- عن يديكَ -
إنّهما على قلقٍ، إذ بأيِّهما ستبدأُ، تهرُشُ قلبَها .
كأنّكَ شجرة ..
لكَ التُّرابُ .. وَلكَ الماءُ
وما عليكَ إلّا فقط،
أن تعلو
وَ
تعلُو ..
مانحاً كلَّ فروعكَ للرّيحِ ..
ثِقةً
كأنْ ليسَ يُخيفكَ،
أنَّ من أقسى صفاتِ الرّيحِ
أغصاناً تتكسَّر ..
كأنّكَ لا يَهمُّكَ ، إنْ فقدتَ أصابِعَكْ .
السبت، 11 يوليو 2020
( عورة) بقلم فاتن فاروق عبد المنعم . مصر
فاتن فاروق عبد المنعم . مصر
( عورة ):
عائلة ماسية الأصل مخملية التكوين، يشوبها ابن ثقلت الحروف على لسانه فلا يفهمه سواهم، فاره الجسد، موفور الصحة، وسيم الملامح وأعطب ملاحته نظرات الدهشة التي لا تبارحه، شفتان منفرجتان أغلب الوقت وعيون مفتوحة عن آخرها متصلبة تتنقل حدقتيها ببطيء علها تهتدي، وإيماءات تشير إلى الرغبة في الاكتشاف المستمر لذا حرصوا على إخفائه دائما عن مجتمعاتهم فإن كان لديهم الاحتفال بمناسبة ما أخفوه حتى لا يراه أحد فيتسبب وجوده في إحراجهم، كثيرا ما أظهر تبرم من نوع ما من سجنه الحريري كأن هذه الخيوط تذبحه ببطيء فلا يكفيه اللعب في حديقة المنزل بمختلف الألعاب المتاحة له.
لولا صوت عبر الهاتف قلب الموازين بوفاة الأم والأب في حادث، ففرغ البيت إلا منه فأغفل حارس البيت وخرج من البوابة التي كانت موصدة بصفة دائمة، يعدو ناظرا خلفه خوفا من أن يعقبه شخص ما فابتعد وابتعد عن البيت يعدو مرة أخرى كخيل في سباق، تصارعت أنفاسه وسمع صوتها، توقف وجلس على مقعد انتظار الحافلات ليستريح، هدأ ارتجاج صدره فعاد لمواصلة السير توقف أمام عربة فول يتحلق حولها بعض الآكلين فاتخذ موضعه بجانبهم بأحرفه المتعثرة أعرب عن رغبته في طبق فول فاستجاب له البائع ووقف يأكل بنهم بينما رفقائه مع البائع تبينوا حقيقته من أول نظرة، أنهى طعامه وعاد للسير على غير هدى ولم يسأله البائع ثمن ما استطعم.
لأول مرة لا يأكل بميعاد وقائمة مجدولة باليوم والساعة، لأول مرة لا يخضع لجلسات طبيب التخاطب ولا لمعلمته التي تعلمه سلوكيات تحفظ آدميته من الدخول إلى الحمام لقضاء حاجته والحديث بأدب وتحفيظه مفردات تليق بعائلته وطريقة استخدام أدوات المائدة والأكل باليمين والتسمية قبل البدء بالطعام وحمد الله بعد الانتهاء من طعامه، لأول مرة سيتحرر من حموم الصباح والمساء، لأول مرة لن تفحصه أمه، فتلحظ عيناه المحمرة أو لاحظت ارتفاع درجة حرارته فتستدعي طبيبه ليصف له الدواء المناسب، كأنه مزق تلك الخيوط الحريرية التي كانت تؤلمه بحدتها.
مر بكولدير شرب بالكوب البلاستيك المتسخ وهو الذي لم يشرب يوميا إلا من كوب زجاجي يبرق كأنه الماس والماء بداخله كأنه اللؤلؤ، أخذ يتأمل الكوب البلاستيك المتسخ كأنه أثر يبهر الناظر إليه، وعاد لمواصلة المسير فتوقف أمام اثنان يتجولان بطبلة ومزمار بلدي يستجديان بعض العملات القليلة من المتحلقين حولهما، كل منهما يرتدي الجلباب البلدي، كل منهما يعزف على آلته فحرك العزف جوارحه فأخذ يرقص رقصا عفويا بوهيميا كمن حل من الغابة ولم ير المدينة قط حتى عندما ابتعد عنهما ظل على نوبة الرقص المفضي إلى الصعلكة فقد كان يحرك ذراعيه وساقيه يبادلهما الرفع والخفض ويميل بجذعه ويدور حول نفسه كثيرا كأنه يجرب مرونة أعضائه المقموعة كأنه كان حبيس كبسولة معقمة، وقع على الأرض بعد أن فقد توازنه من كثرة الدوار والترنح عبثا، تقلب على الأرض كأنه غاب عنها ردحا من الزمن وحان اللقاء المفضي إلى التمسح بترابها ليعلق بملابسه ووجهه وساعديه وراحتيه ويمتزج بحبات العرق التي انبثقت من جسده الذي حال دون تحررها طيلة حياته مبردات الهواء المعلقة في أركان بيت أسرته فيسفر هذا الاتحاد عن تلبك التراب ليصبح مايشبه مسحات من الطين استدعت أمارات الدهشة على ملامحه بصورة أكبر فتوقف عن أي فعل محاولا استيعاب ما يرى واستغلق عليه الفهم وكيف يفهم وهو الذي كان دوما الخبأ الذي وارته أسرته، واصل السير العبثي بين هذه الكيانات التي قدت من الشقاء والصبر الذي أرخى سدوله على تلك الوجوه التي اكتشفها حديثا ليجد نفسه يأكل ما يأكلون ويشرب ما يشربون لدرجة أن علامات الدهشة ازداد أوارها بعد مغادرة كبسولته المعقمة، وقف مثلهم عند بياع عصير القصب وأشار بحروفه المتعثرة عن رغبته في كوب عصير ولم يضيق البائع به بل استجاب في حبور، خطوات معدودة ووجد بعض القلل التي يقترب منها الباعة الجائلين والأرزاقية ليشربوا وبعد تأمل لفعلهم ليحفظ الفعل الذي قام به على الفور فرفع إحداها على فمه، تطربه سيل الماء المتدفق منها فيستزيد كمن لم يشرب من قبل حتى سال الماء على عنقه وواصل السير حتى بلغ صدرره وبلل ملابسه ولم يبالى بالماء الذي بلغ سرته، فقط سعيد بكشفه الجديد، يجول بعينيه لتتأكد الصورة الجديدة داخله، كأنه يرغب في أن يسأل وإن جهل المفردات المرتبة لماذا غاب عن الحياة الحقيقية كل هذا الوقت؟ المصل الواقي من المرض يكون جزء من الميكروب المسبب للمرض فهل الفطرة داخله عبرت عن نفسها في الحصول على المناعة التي بها يقاوم الأمراض؟ هل هذه الكيانات التي يراها عبارة عن شياطين؟ كل منا بداخله ملاك وشيطان يتصارعان ومن يتغلب منهما على الآخر يفرض سلوكه وسمته على ابن آدم.
داهمته الرغبة في النوم فألقى بجسده على الحشائش في حديقة عامة تحت ظلال شجرة سدر وارفة واستيقظ والشمس تجمع دثارها من على جسد الكون ليتلبثه دثار آخر نقيض الشمس الفاضحة.
يسير على غير هدى مستمرا في عملية الكشف التي تسفر له عما خفي عنه طيلة سنوات عمره،
صوت جماعي يبلغ سمعه، يتحرك صوبه كأنه يرسم له على الأرض خطا يسير عليه كي يبلغ جمعهم، محيط بشري مترامي، توقف أمامهم يهتفون بصوت واحد ومفردات واحدة، متفق عليها من قبل، ولج المحيط غير هياب، يحتوونه، يجلس بينهم كمن غاب عنهم ردحا من الزمن ووجب الحضور بينهم، ووجد نفسه أليف يؤلف بين جمع تعارف معهم وما تناكر بينهم، إنه مرج الحرية التي يتوق إليها دون أن يعرف حروفها أو معناها، إنها الفطرة التي فطر الله الناس عليها حتى عند من خيم علي عقله الضباب منذ ميلاده.
وبحروف مثقلة ردد ما يقولونه دون استفسار، إذا ساروا سار معهم وإذا توقفوا توقف معهم، الآذان رفع فوق المئذنة قاموا للوضوء وقف مصطفا معهم يتوضأ ناظرا إليهم يفعل كما يفعلون ثم عاد ليتخذ موضعه بينهم يطيل النظر إليهم، الإمام يكبر تكبيرة الإحرام فيعقبونه في التكبير لبدء الصلاة، يفعل مثلهم، يقبلون على طعامهم يعطونه لفافة كما لكل منهم، يعودون للهتاف ويشتد ويزداد أواره مع التلاقي بنقيضهم، يمارس معهم الكر والفر، يتفرق جمعهم قسرا بسبب ذلك الدخان المتصاعد فيبتعد معهم ثم يعودون للولوج في مرج النارالذي يحتويهم فيعود معهم غير هياب.
عاد الالتحام بين النقيضين، السماء تمطر عليهم وابلا من سجيل فتسجى الأجساد على الأرض وقد يتفرق جمع أبعاض الجسد الواحد وقد تلتهم النيران أمواتا وأحياء فتخلف تماثيلا من فحم.
غيب مع من غيبوا لا يعرف في أي فئة يعد، فئة الأبعاض المتفرقة أشلاء أم تماثيل الفحم أم واحدا مما كتب على جثمانه "مجهول" فقط ذاب في هذا المرج وقام إخوته للمرة الأولى بنشر صوره ووصف حالته بدقة والإعلان عن اليوم الذي تغيب فيه وتخصيص مكافأة مالية كبرى لمن يعثر عليه أو يدلي بمعلومات عنه، لأول مرة يسفرون عن عورتهم كاملة ولا يرغبون في التواري وأخذوا يلصقون صوره على الأعمدة وواجهة المباني بالشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي ولكنه ذاب في الطوفان الذي أصاب المرج.
آخر ما نُشر في قطوف
كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر
″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...
