الأربعاء، 31 يوليو 2019

(منمنماتٌ سوريّةٌ) بقلم الشاعرة السورية ريتا الحكيم


                         ريتا الحكيم  . سوريا 

(منمنماتٌ سوريّةٌ)

سيناريو(1)

يجمع في كيسه الصغير مخلفات الحاويات. يعيد ترتيبها ويبني عليها متن قصته. في جعبته الليلة الكثير الكثير:
- فردة حذاء
- بنطال ممزق
- ساعة
- قبعة
يرتب الأحداث في مخيلته على الشكل التالي:
عاشق صغير تخلف عن موعد غرام مع ابنة الجيران ﻷنه
أضاع فردة حذائه واكتشف أن بنطاله ممزق وقبعته قرضتها الفئران، أما ساعته فهي لا تعمل.

سيناريو(2)

جولته هذه الليلة للبحث عما يسد رمقه. توقف عند أول حاوية ثم الثانية وهكذا إلى أن وصل إلى آخر الشارع وليس في جعبته سوى معدة خاوية.
شردت أفكاره في تلك البيوت الممتدة أمامه وتخيل المشهد التالي يتكرر في كل منها:
- أنا جائع يا أمي
- نحن محاصرون يا ولدي
- سنموت إذن! إما من الجوع أو من القصف
- لا يا ولد...
لم تكمل الأم كلامها حتى هبطت تلك البيوت فوق ساكنيها وخيم صمت ثقيل.
ختم السيناريو بصرخة ألم بعثرت الكلمات فوق الأشلاء المنتشرة. ثم امتلأ المكان بالمصورين وأضواء الكاميرات تلتقط المشاهد بين الأنقاض، ليغلق الستار على موت معلن.

سيناريو(3)

انتهز فرصة هدنة مؤقتة، يحث الخطى باتجاه الشاطىء، يبلل روحه المتشققة ويتابع بحثه المعتاد بين أكوام القمامة. يعثر على ربطة عنق سوداء، يعود مسرعا ليعقدها حول عنق والده ويلج النعش البارد وسط نحيب وبكاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...