د. يسرى محمد الرفاعي . الأردن
( ليس هناك غياب )
رثاء محمود درويش
ليس هناك غياب يا درويش بعد مرار فراقك
عصى النسيان يا درويش أن ينساك ويسلاك ..
فكل شيء يفتقد القدرة على النطق بعدك
أوالوقوف في جه لغتك وأبجدية قوافيك.
رغم غيابك من الحاضرالمزري أخاف عليك
من كيدهم وقهر رجال سكنوا خلف ضبابك
فلا تخشاهم وأنر الكون خلفك بضياء أبجديتك
علنا ننتصر وإياك على خذلان بني جلدتك..
والواقع المعلقم الرافض لمجازات غيابك
فالثرى ما زال مبللاً بدماء شهداء وطنك
فهناك قرى ومدن عشقت ليلها وفجرها لأجلك
فما عليها سوى الانتظار أرصفة إيابك..
كل شيء ينتظر برفقة أناشيد الوطن وتراتيلك
بعدك كل شيء بات يحبل ويولد من قوافيك ..
وإن سقط عليهم عنوة غيم سحابك بعد غيابك
كل شيء نوى أن يكون في ازدياد بعد رحيلك ..
بلاد الشام من شرقها لغربها تتمزق وتبكيك
والروابي والبحر وموجاته الهادرة ترثيك ..
وفلسطين حاضنة اللوز والزيتون ينقصها وجودك
فأنت نبض الأبجدية وبسمة القوافي في قصيدك..
فلا يكتمل سحر الجمال في قوافيك دون نبضك
ونشيد الصباح وصرخة المدائن باسمك تناديك..
وإشراقة الفجر وبسمته لا تشرق إلا من جبينك
وهمهمات اليمام فوق أسوارالبروة مشتاقة لعينيك..
يا فلسفة الروح وشهقات الزيتون الكل يشهد لنقائك
فالبحر بعد رحيلك غير لونه وهديره من أجل عينيك..
ونوارس البحر لملمت أحزانها راحلة إلى حيث هواك
كل شيء موحشٌ حتى السفن غادرت موانئها بعدك..
لم يبقَ شيء سوى ضياء اسمك ينير سماءك
وتاريخ خلدت به أسماء الأسرى ومدن وطنك..
وزيتونة نقشت على عروقها أسماء شهدائك
رحلت من روابي دست على ثراها دون وداعك..
فتحجرت بعدك الحروف على جدران صومعتك
وتيبست بسمة الأحلام على شفاه الزيتون وأقصاك..
وباتت قلوبنا تجترعبق الماضي هنا وهناك منك
فلا طعم لقهوتنا يا درويش وخبزالطابون في غيابك ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق