هيثم الأمين . تونس
(صداع)
في الحانة:
ضجيج
امرأة بصدر أعور تضحك بهستيريا
بحّارة يحملون
على كفوفهم ضحكات شباك بخيلة،
و على ظهورهم آخر صلواتهم عند قدَميْ العاصفة،
و يحلمون بصيد وفير على اليابسة
كرسيّ فارغ
يحتسي الكثير من الحزن،
و يغنّي لحمامة كانت تتسوّل في السّاحة العامّة
و رجلٌ بلا تاريخ،
و كلّ أوراقه الثّبوتيّة مزوّرة،
يجلس في الرّكن، خارج الضوء،
يشحذ أصابعه بكلمات حادّة،
و يناقش قضايا الوطن مع قتلة يجوبون رأسه بحثا عنه.
****************
خارج الحانة:
جنودٌ يركضون، و مطر خفيف
هناك أيضاً صيدليّة ليل تغمز المارّة
محلّات توقّفت عن الثرثرة
و ليلٌ طويل يرتدي معطفاً بارداً جداً،
و يتسكّع بعيداً عن عيون الجنود الرّاكضين.
*****************
أنا، ربّما، داخل الحانة
أو، ربّما، خارجها
قد أكون النهد المفقوء
أو الكرسيّ الفارغ
أو أنّي الرّجل الذي بلا تاريخ، و كلّ القتلة الباحثين عنه.
******************
يقول المطر الخفيف:
أنت الجسر الذي يحاول تقطيب جرح المدينة.
تقول الصيدليّة:
أنت علبة بانادول
تقول غرفتي التي تشعر بالصّداع:
أنت صداعي الحادّ
يضحك الليل، يلوّح لي من بعيد
و يقول:
أنت عود ثقاب
تحتاج لرقاقة حلم تفرك عليها رأسك لتشتعل، ويقهقه.
***************
على حافة النافذة
تحطّ حمامة مبلّلة
ثمّ تصرخ في وجهي:
الجنود يحاصرون البيت
اهرب، اهرب، اهـ..
و أمسكها القط !
و أنا..
أنتعل خطواتي و أركض.
أركض في داخلي بحثاً عمّن أخرج عبره منّي
و كلّما دلفتُ إلى خارجي أجدُني داخلي من جديد.
****************
طرقٌ عنيف على باب غرفتي
رجال يصيحون:
المكان محاصرٌ، فلا تحاول الهرب.
رجال يصيحون:
اهرب، اهرب، الغرفة تحترق.
رجال يصيحون:
توقّف ! لا تهرب ! من أنت؟
و غرفتي التي تشعر بالصّداع، و بالقلق
تشربني كاملاً.
وحدها يدي على الرّصيف
تقف تحت المطر الخفيف
و تنزف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق