مصطفى لفطيمي . المغرب
(الوِشاحُ الأَصْفَر)
هذه الصَّرْخَةُ المَخْنوقَةُ
هي الأَخِيرَةُ
مِنْ حَنْجَرةِ الطِّين .
هَذِهِ الأَيَادِي التي أُمْسِكُ بها المَدى
قَليلاً ، هي التي أَضَعُ بها الوِشَاحَ الأَصْفَرَ
عَلَى عُنُقِي .
ها أَنْتِ ، سَيِّدَتِي ، تَضَعِينَ رَأْسَكِ
عَلَى رَأْسِي ،
و تُشْعِلينَ النَّارَ في السُّنْبُلَةِ ،
و الحَوْصَلَةِ ،
و أَعْشَاشِ العَصَافِيرِ .
أَنَا بِعَيْنَيَّ هَاتَيْنِ
أَرَى أَشْجَاراً واقفةً ،
و قَدْ صَارَتْ فِخَاخاً ،
و مَطَبَّاتٍ فِي قَصِيدَةِ النَّثْرِ .
عَلَى سفِينَةٍ مِنْ وَرَقٍ :
مثل " پانورج " (panurge)*
أَرْمي الخِرْفانَ في البَحْر .
و في زَفْرَةٍ ثَقِيلةٍ ،
أَرْفَعُ عَقِيرَتِي ، لِتَسْمَعَنِي
النَّوَارِسُ .
لا شَيْءَ يَطْفُو فَوْقَ المَاء :
لا الرَّغْوَةُ ،
و لا الصَّدَى .
لا الشَّهْوَةُ ،
و لا الرَّدى .
لا شَيْءَ سِوَى هَذِهِ الدَّمْعَةِ
و هِي تَنْسَابُ فَوْقَ الوِشَاحِ .
لا شَيْءَ سَيِّءٌ أَكْثَرَ :
أنْ يَتْبَعَكَ القَطيعُ و أنْتَ تَعْوِي كذِئْبٍ جَائِع .
ثَمَّةَ ، بابٌ لا نفْتَحُهُ في وَجْهِ الرِّيح .
فَقَط ، نَفْتَحُ شُقّاً ، لِيَمُرَّ الهَواءُ
إلى الأَحْشَاء ، و نَسْتَرِيح .
أيها الرَّاعي :
كَمْ شَاةً سَمِينَةً ذَبَحْتَ
خَلْفَ التِّلاَل ؟
كَمْ مِياهً حَرَّكْتَ بِعَصَاكَ ،
و نَقَعْتَ بِبَوْلَكِ ؟
كَمْ جَوْرَبَاً رَتَقْتَ لِقَدمَيْكَ الحَافِيَتَيْنِ
قَبْلَ حُلولِ الظَّلَام ؟
كَمْ مِقْصَلَةً تَنْتَظِرُ رَأْسَكَ
في الصَّبَاح ؟
مِزْمَارُكَ الخَشَبِيُّ أَيُّهَا الرَّاعِي
لا يُرِوِّضُ
سِوَى الأَفَاعِي البَارِدَةِ ،
كَاتِمَةِ الأَنْفَاس .
مِزْمَارُكَ يُخْرِجُ الثَّعَابِينَ
مِنَ المَقَابِرِ ،
و الجُحُورِ .
هَذهِ اليَابِسَةُ الصَّفْراء :
أَضَعُها عَلَى مَائِدَةِ الطَّعَام
و أَخْلَع عَلَيْها ِوشاحَ الحَبِيبَة .
فَقَدْ تَأْتِي الصَّرْخَةُ الأَخِيرَةُ
مَخْنُوقَةً ،
تَثْقْبُ الجِدَارَ .
هَكَذا قَالَ رَجُلٌ كَانَ يَجْلسُ تَحْتَ نَخْلَةٍ :
( لنْ تَصِلَ إلى وِجْهَتِكَ
إِذَا كُنْتَ تتَوَقَّفُُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ
لتُلْقِي حَجَراً
عِلَى كَلْبٍ يَنْبَح )

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق