الجمعة، 26 أبريل 2019

(الأنثى والنرجيلة) القاصّ الشاعر عمار بحلاق . سوريا


                           عمار بحلاق  . سوريا 

(الأنثى والنرجيلة)
                           
كرسي وطاولة رتبت بعناية تبعترت عليها بضع أزهار ياسمين حول فنجان قهوة يتصعد دخانه العبق في أرجاء الشرفة....
ظهرت تحمل نرجيلتها بحرص ،
وضعتها على الطاولة وجلست متهالكة على كرسيها ،
رشفت من فنجانها وهي تتأمل الهدوء حولها ،
ضجيج أعماقها يطغى فتمسك نرجيلتها وتأخذ منها نفساً عميقاً تنفثه للأعلى...
 يبدو أن إبرة المسكن التي وصفها لها الطبيب بدأت تأخذ مفعولها، تشعر الآن بكل شيء إلا أوجاعها...
تلبس ثوب طفولتها وتحدّق في اللا شيء أمامها...تأخذ نفساً آخر وتنفثه في الفضاء يعلو وتعلو معه ويرتفع وترتفع أكثر فأكثر...
وكلما ارتفعت رات نفسها تصغر أكثر وهي تجلس في ذهول مع نرجيلتها
تعلو المزامير في الحي تبشر بوصول العروس ، نزلت من السيارة المزينة بترف كنعجة بيضاء .....
أرادت أن تصرخ فيهم.." أرجوكم لا تفقدوني...لا أريده...لاتبيعوني كلوحة في مزاد.....لا أريد أن أحيا أميرة تندب حلما...أين نخوتكم؟! أين رجولتكم؟!"...
لكن صوتها اختفى....
أدركت أن مصيرها الذبح على فراشه ...وقد ختم المزاد ورسى عليه فهو من دفع الثمن....
راقبتها وهي بكل طفولتها تتابع سيرها  لتدخل باب البناء  شاردةً محطّمةً....
عادت لتنظر إلى ذاتها المذهولة مع نرجيلتها من هناك....رأتها....نعم ...رأتها...كالنعجة البيضاء...قطرة دماء تسيل على رجلها الغضة...
تخرج إلى الشرفة وتختفي في أعماق تلك الأنثى المذهولة  التي أخذت نفساً آخر عميقاً من نرجيلتها وقد اغرورقت عيناها بالدموع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...