الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

في حضرة غيابكم - الشاعر: محمد الحلبي /مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير : سمر سليمان معتوق - نائب رئيس التحرير : نسرين العسال - تحرير : موسى سعيد


في حضرةِ غيابكم ....
سألهو قليلاً مع ملائكة الأرق
سأقرُصُ أجنحتها
وأخبرها عن مذاقات
الأسلحة الحديثة
التي تشدو فوق أغصان بلادي
سأخبرها كيف ينامُ السوريُّ
بكامل تراثهِ وثقافتهِ وجراحهِ
فوق ركبتيِّ الملجأ
حُرَّاً وحزيناً بشكلٍ جيد
وسأخبرها بأن العالم كله مُنشغِلٌ
بأردافِ بلادي
وعيون بلادي
وفخذيِّ بلادي
وأننا قد أُصِبنا بالعين جراء ذلك
وبالجنون
وبالسِّحر الأسودِ والأصفر
وبالقهرِ الأزرقِ والأحمر
حتى طالت لِحانا ومؤتمراتنا
وبيارقُنا الكثَّة

في حضرةِ غيابكم
سألملِمُ
ما سقط من شياطينِ الشِّعرِ سهواً
من أشعارٍ بذيئةٍ
وأنيابٍ جميلة
وتعابيرَ غير مرئية
وسأقلِّم أظافرها بقذيفةِ هاون
ما زالت عالقة بروحي
بصرخةِ رضيعٍ
سِيقَ إلى الجنةِ باكراً
وربَّما سأعقِدُ صُلحاً بين
الملائكةِ والشياطين
وسيكونُ ذلك سَبقاً شِعرياً
وحربياً
وطائفياً
لا نظير لهُ
كل ذلك ممكن في
حضرة غيابكم
كل ذلك قد يحدثُ الليلة
 تحت سَقفِ غربتي
وأمامَ أنظارِ المنفى والليلِ الغريب
الذي يجرح قلبي
بعيونهِ وقرونهِ الشَّرِسة .....
لكن أن تنتهي الحرب في سوريا فلا
أن يتُمَّ إعمارُ القلوب
وترميمُ العيون  فلا
أن تتَّحِدَ الألهةُ المزعومة فوق سماءِ الوطن
وتكُفَّ شرَّها عنا فلا
أن ينامَ الموتى داخل قبورهم الرَّثة بهدوءٍ وسكينة
وهم يحتضنون القنابل والطلقاتِ التي قتلتهم  فلا ولا
أن تصمُت البطونُ الباكية
والأصابعُ الراكضة في أوردةِ القصيد
فألفُ لا

في حضرةِ غيابكم
سأنامُ قليلاً
وأحلمُ كثيراً
واستيقظُ مُرهقاً
وأفتح النافذة لأرى الوجوهَ
والتنانيرَ الغريبة
من جديد
وأحزنَ من جديد
وأحملَ قلبي عِوضاً عن القلم
لِأعصِرهُ دون رحمة
وأكتب من جديد
وأُمزِّقَ الأوراق والخرائط وقدميَّ
وما تبقّى من عقلي ورئتيَّ
من جديد
ولن أخبرَكُم بما قلتُهُ في
حضرةِ غيابكم
أو فعلتُ أبداً
ولكنكم ستعرفون
كل ذلك كما في كل مرة
من جديد ......

محمد الحلبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...