الاثنين، 1 مايو 2017

الحلقتان الخامسة عشرة و السادسة عشرة من السلسلة السردية "النَّفق" / يكتبها الأديب: خالد جوير "حرف عتيق" / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق / نائب رئيس التحرير: نسرين العسال


النفق .. ( الرابعة عشرة )
( راح اتصل .. واياك تزود كلمة هيك ولا هيك .. )
اتصل بالنقيب عمر .. وفتح مكبر الصوت ..
- الو ..
● هلا أبو نور .. وينك .. ليش تأخرت ؟
- والله غصب اللعني .. انت وينك ؟
● شو ويني .. انت بتعرفي ويني !
- اي بعرف .. بس خفت تكون رجعت لما اتأخرت
  عليكن ..
● لالا .. ناطرك ..
- طيب ..
● ايمتى بتوصل ..
- عير 10 دقايق .. وافتاح من الجنبين
● من الجنبين ؟
- اي من الجنبين ..
أغلق الشاب الهاتف وصرخ به ..
○ شو قصدك من الجنبين ؟؟؟؟
- ولا شي .. بس النفق من الجنب التاني الو  
  بوابة مزدوجة .. وانا نسيت مفتاح البوابة اللي من
   هون  ..
○ بتعرف اذا كنت عمتلعب بديلك .. بعرضي لأفضي
   المشط براسك .. يلا .. فز .. وامشي قدامي ..
   وحال أن انطلقوا اتصل الشاب بهاتفه هامسا ..
   بعد أن تأخر قليلا عنهم .. وختم بعبارة .. حاضر
   سيدي ..
   كانت أم عمر .. زوجة رفيقه تسير خلفه ..
   تهرب من عينيه كلما استدار ..
  في الجانب الآخر .. حاولت أم النور رغم ماحل بها
  جاهدة أن تخمن .. من هي تلك العميلة التي
  وشت بمكانها .. لكنها جد مشوشة !
  كانت تجلس في المقعد الخلفي .. بين خنزيرين ..
  همس أحدهم بعد أن اقترب برأسه من أذنها حتى
  أحست بزفيره النتن على خدها
● بتعرفي .. هلق بالتحقيق اذا مابتقري ع مكان
  جوزك .. راح نسهر سوى للصبح .. ترى بو حيدرة
  صرلو شهرين مانزل ع البيت .. وانت بتعرفي
  شو قصدي ...
ثم ضحك بصوت عال ..
كلامه أرعب روحها .. واعترتها قشعريرة .. بينما كان الآخر يقول ..
○ راح تشوفي الليلة الحرية على كيف كيفك ..

وعلى باب منزل غيداء .. كانت بعض النسوة يحاولن
  أن يخففن من روع إيمان .. التي كانت تبكي بحرقة
  بعد أن خانتها الكلمات ..
سلكت الدورية بسياراتها الأربع الطريق الزراعية المؤدية إلى الطريق العام .. قاصدين المدينة ..
وعند وصولهم لمفترق طرق قرب إحدى المزارع ..
كان الشاب صاحب الدراجة .. يقف بجانب الطريق
يصلح دراجته ..
وما إن وصلوا إلى محاذاته .. حتى أخرج مسدسه وأطلق عدة رصاصات على السيارة الأولى ..
وخرج من بين الأشجار عدد آخر من الرجال الملثمين
وأمطروا باقي الدورية برصاصهم ..
رد من لم يصب من العناصر على إطلاق النار ..
استمر الاشتباك لعدة دقائق .. استطاعوا بعده تخليص أم نور .. بينما لاذت السيارة التي تقل غيداء بالفرار ..
قتل من قتل من أفراد الدورية .. وجرح شاب من المهاجمين ..
كان الوقت يقترب من الظهيرة .. وعليهم الاختفاء قبل وصول التعزيزات ..
سمع كل من في البلدة صوت الاشتباك ..
وشاهدت شوارعها حركة كثيفة ..
وكأنهم يعرفون .. أن ماينتظرهم سيفوق الانتقام ..
وبدأ أفراد الحاجز بإطلاق النار في الهواء ..
فاختف الناس .. وفرغت الشوارع القريبة ..
في النفق .. وبعد أن اجتازوا مسافة فاقت العشر دقائق ......
اهتزت الأرض بهم ..
وسقطوا جميعا على الأرض ...

------------------
النفق .. ( الخامسة عشرة )

كانت عبارة .. ( افتح من الجنبين ) مجرد كلمة سر يتم بعدها تفجير النفق !!
نعم .. لقد تم تفجير مدخلي النفق ..
فأصبح أبو نور ومن معه .. حبيسي النفق ..
لقد كانت سلامة باقي المجموعة والأعمال التي يقومون بها من أجل الثورة .. أهم من حياته ..
لقد اتخذ قراره دون أي تردد ..
صعق الشاب غير مدرك لما حدث ..
ساد الصمت .. وعلا الغبار ..
وقد سقط من الشاب هاتف أبو النور والذي كان يستخدمه  كمصباح بعد أن انطلقوا ..
كان صوت الانفجارين من القوة بحيث صم آذان الجميع ..
غشي على أم عمر ..
وراح الشاب يتخبط باحثا عن مسدسه وسط الظلام الدامس ..
كان يصرخ .. ( شو صار .. شو صار )
وبعد لحظات .. سلط أبو نور ضوء ولاعته على وجه الشاب .. قائلا :
● مسدسك صار معي .. وحتى لو كان معك .. ماراح
   يفيدك ..
○ شو يعني !!
● يعني لاعاد تتحرك .. ولا عاد تحكي .. بظن
   الأوكسجين الموجود بكفينا يومين .. أو تلاتة ..
○ انت شو عمتحكي !!!!
● مثل ماسمعت ..
○ يعني بدنا نموت هون !!
● والله .. أنت وحظك .. بلكي أبطال الجيش تبعك
  بيجو وبطالعوك !
هدأ الغبار ..
وسمع صوت أم عمر تئن .. فاقترب منها وهزها  
فاستفاقت ..
- دخيلك يا أبو نور .. شو صار ؟؟
● انت كنت مفكرة انه راح أوصلكن للشباب !!
- ضاق نفسي .. دخيلك يارب ..
● دخيلك يارب !! هلق عرفتي انه في رب ؟؟
   وقت اللي جبتي هالكلب معك .. ماكان في رب !!
- يا ابو النور والله غصب العني .. انت مانك فهمان
  شي ..
● شو بدي أفهم .. باينة .. شقد دفعولك ؟؟
- أنت مفكرني خاينة ؟؟
● ليش اللي عملتيه شو اسمو ؟؟
فأخذت بالبكاء .. وأخبرته أنهم اعتقلوا بنتها ذات الستة عشر عاما وهددوها إذا لم تنفذ مايطلبون
فستكون بنتها فريستهم .. ولن يرحموها .. ولكي يثبتوا لها صدق تهديدهم قاموا بتصوير الفتاة .. وهم ينزعون حجابها ويعبثون ببراءتها ..
فصرخ أبو نور ..
● زينب ؟؟؟
- اي يا ابو النور .. نور عيوني زينب ..
● دخيلك يارب ..
- حرقوا قلبي ياخيي ..
● حسبي الله ونعم الوكيل
- شو كنت متوقع مني وأنا عمشوفها بالفيديو وهي
   عمتصيح .. دخيلك يامو !!
فالتفت للشاب وهو يشتاط غضبا .. وقال :
● هاي الرجولة .. هيك بقلكن دينكن .. هاد الجيش تبعكن .. ولك تفووو
لم يجب الشاب ..
وأردف أبو النور .. بترضاها لأختك ؟؟؟
- وهلق شو بدنا نعمل .. جوزي وبنتي عندهم .. مشان الله قلي .. ببوس ايدك ..
تيبست حنجرته .. لم يعرف بما يجيبها .. وساد الصمت من جديد .. إلا من صوت نحيبها ..
في إحدى المزارع البعيدة .. كانت أم نور تلهج بحمد الله الذي خلصها من أنيابهم بينما كانت تضمد جراح أحد الأخوة والذي أصيب في الاشتباك ..
صلت الظهر .. وجلست تحت شجرة توت كبيرة ..
أخرجت هاتفها وكتبت ..
( أين أنت ياروح الروح .. يارب تكون بخير ..
اااه لو تعرف شو صار معي بغيابك .. طمني عنك ولو بكلمة .. )
وأرسلت ماكتبت .. ولكن رسالتها لم تصل لأن هاتفه خارج التغطية .. فرجف قلبها وأحست بضيق في صدرها ..
وفي هذه اللحظات كان زوجها يتيمم لصلاة الظهر
يحبس دموعه .. غير آبه للدماء التي سالت من جبينه تخالط الغبار الذي كسا وجهه .. ليتيبس دربها راسما قيود عجزه ... ووجعه !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...