السبت، 1 أبريل 2017

الحلقتان السابعة و الثامنة من السِّلسلة السَّرديَّة (النَّفق) / يكتبها: خالد جوير (حرف عتيق) / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق




النفق .. ( الحلقة السابعة )
( وينك .. دخيلك تعال اسعفني ...)
كانت الرسالة الثانية من رفيقه ..
تسمر ..
تعرق ..
أحس بالنفق يطبق على صدره ..
لم يخرج  ..
ورد على الرسالة :
- ( أسعفك !!! شو صاير ؟؟؟ )
● ( مافي وقت بعدين بحكيلك )
-  (طيب انت وين ؟ )
● ( أنا جنب البيت المهدم محل ماتواعدنا .. دخيلك
    بسرعة .. صفي دمي ...)
- (طيب طيب راجع .. لاتتحرك . )
كان عليه أن يقطع المسافة بين جري وزحف بحسب ارتفاع سطح النفق .. ويستغرق ذلك قرابة الربع ساعة ..
وصل أخيرا لبداية النفق ..
وعندما هم بإزاحة الأشياء عن مدخله ..
أحس بشيء غريب ..
بقايا الأخشاب والأغصان التي وضعها حين دخوله ..
لم تكن بهذا الكم ..
هو لم يخبر رفيقه أنه في النفق ..
ورفيقه مصاب !
تريث ..
وأخذ ينصت ..
هناك أصوات خافتة بالجوار .
أتصل برفيقه .. فقام الأخير بفصل الاتصال ..
راوده الشك ..
ثم أتته رسالة منه  .. ( مافيني رد .. وين صرت )
فكتب له .. ( بعتذر منك مافيني أجي .. سلام )
وأغلق هاتفه .. وراح يراقب بهدوء ..
وفي لحظات سمع صوت رفيقه يتلوى من الألم ..
يا ألهي ..
بدأ العناصر يظهرون في كل مكان ..
لقد وقع رفيقه ..
وكان طلب النجدة مجرد كمين ..
صارت دقات قلبه أقوى من ضجيجهم ..
انبطح وألصق خده بتراب النفق ..
وراح زفيره يرسم مسارات الحسرة على أديم الأرض ..
وحدها دمعات القهر .. كانت تبلل مكان سقوطها لتمنع الغبار المنبعث من شدة زفيره من أن يثار ..
ها هو رفيق دربه .. وقع أسيرا ..
وعليه أن يعيد ترتيب أوراقه ..
فرفيقه اعترف عليه ..
ولابد .......
يا ألهي .. زوجتي !!
سيداهمون المنزل الآن ..
سارع إلى فتح هاتفه وكتب ...
( اتركي البيت واطلعي هلق .. وبسرعة .. الأمن جاي ع البيت )
لم يتم التلقي !!
هاتفها مغلق ..
راح يرتجف .. ربما قهرا .. وربما خوفا ..
في هذه اللحظات كانت الدورية تسحل رفيقه على الأرض باتجاه الشارع العام .. والدماء تغرق ثيابه ..
أخذ يراقب المشهد من مخبئه .. والدموع تحرق قلبه قبل عينيه ..
كانت صرخات رفيقه تزلزل المكان ..
وكذلك صوت شتائمهم القذرة ..
وقبل أن يقرر هل يعود لمتابعة طريقه داخل النفق
أم يعود من أجل زوجته ..
تناهى لمسمعه صوت نحيب متقطع ..
يعلو شيئا .. فشيئا ..
( يتبع )
★★★★★★★
النفق .. ( الحلقة الثامنة )

حاول أن يستبين مصدر الصوت ، لكن كان عليه أن يتأكد أولا أنه لم يبق أحد من أولئك القتلة في المكان ..
كانت عيناه مشغولتان بملوحة الدمع ..
لم تسعفانه كثيرا في استيضاح مصدر الصوت ..
وبعد لحظات اقترب الصوت أكثر من باب النفق ..
يتقطع بهمهمات غير مفهومة ..
ابتعد إلى الخلف ..
تحسس سكينا في جيب سرواله الخلفي ..
سلاحه الوحيد ..
غاب في الظلام ..
بدأ القادم يزيل الأشياء من باب النفق بسرعة ..
فيزداد الضوء قوة ليكشف المزيد من غياهب النفق
ومن ارتعاد أركان روحه   ...
ثم ظهرت يد يكسوها البياض ..
او هكذا سمحت بقايا الدمع .. أن يراها
ارتمى إلى الجدار ..
لم يستغرق الأمر إلا بضع ثواني ..
حتى كانت زوجة رفيقه مع شاب في مقتبل العمر
داخل النفق ..
● أم عمر !!!!
ارتجفت المرأة فزعا
○ دخيلك .. أخدوا أبو عمر ..
كان صوتها كسوط يجلد قلبه ..
اختنق ..
حاول أن يجيبها لكن العبرات حبست الحروف في حلقه ..
أومئ لها برأسه .. وانزلق وظهره إلى جدار النفق
ليجلس غير آبه لتلك الصخور الناتئة تحفر على جلده صك ضعفه وانهياره ..
أشار للشاب أن يعيد إغلاق باب النفق ..
فلبى الشاب على الفور ..
انهارت أم عمر وهي تناجي ربها ....
( ياااارب مالي غيرو .. يااارب احميه وخفف عنه .. دخيلك يا الله )
كان الشاب يخفي وجهه براحتيه ..
ترتجف أكمام قميصه ..
كان الموقف عصيبا ..
هاهو الآن مع زوجة رفيق عمره ودربه ..
وشاب لايعرف عنه شيء ..
ورفيق قد لايراه ثانية ..
وزوجة .....
انتفض وراح يدس يديه في كل جيوبه بحثا عن هاتفه ..
أمسك به وكأنه يمسك برأس حبيبته ..
فتحه وهو يمسح بقايا التراب والدمع عن عينيه ..
وسكنت روحه .. عندما شاهد عبارة ... تم الإرسال .
اجتاحت خياله الصورة التي يعشقها ..
تذكر فعلها الدائم والذي لم تنسه مرة ..
لقد اعتادت أن تعانقه خلف الباب .. في كل مرة يغادر فيها أو يعود ..
لحضنها سحر غريب ..
فحال أن تضمه إلى صدرها .. يزول التعب عنه ولو كان بحجم الجبال ..
تنفس الصعداء وكأنه تنشق عطرها الذي يحب !
في بيته ..
كانت زوجته تسابق الزمن لتحزم حقيبتها الصغيرة ..
وقبل أن تنتهي ... قرع الباب .....
( يتبع )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...