الأربعاء، 22 فبراير 2017

من النصوص التي تجعلك بطلًا يسكن الكلمات / بقلم: سعيد بنعمو / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق



شَعر يابس مثل حقل خانه موعد المطر ، أشعثٌ كجدور الشجر تتجه إلى كل مكان ..و لا مكان ..بعضه تدلى على جبهته حتى عينيه المنكمشتين .. العسليتين ، و قد يكون لونها تغير من فرط ما رأى من مجازر و مرارة و ألم ..حتى أصبح يبتسم ..فقط يبتسم ..حين يبكي ، حين يصرخ ، حين يتكلم ..فقط يبتسم لتبدو أسنانه كمدينة احرقتها و خربتها الحرب ...و مزقت ملابسه الكثيرة الطبقات . لا تكاد تعرف كم من قطعة يلبس ، و رغم ذلك تبدو مناطق من جسده عارية ، ترفرف عليها أطراف القماش متسخة .. ملونة... كرايات الحرب ساعة النفير ..
و هو يمشي ينظر في الهواء إلى صورة تلك الجميلة التي أحبها . هو فقط من لا يزال يراها في ممشاها . يبصق على يده ، و يمسح صورها في الهواء ...يكلمها ، يشكو لها ، يحكي لها النكت و يضحك ، حتى يصل إلى ما كان موقف الحافلة ، حفرة تركها انفجار صاروخ و بعض جدار  ..سيلتقي عليه ، يلف رجلا على رجل ، و يشبك يديه خلف رأسه ، ينظر إلى الشمس مختلطة بشعرها مرة ..بخمارها مرة ..بلون بشرتها مرة ...و يبتسم و يحكي لها عن مشروع العرس ...هو الوحيد الذي لا يزال ينتظر عطلة الصيف ، الوحيد الذي لا يزال يفكّر في حضور الجميع ، كبارا و صغارا ، الوحيد ..الذي لا يزال يستمع إلى قصص الشيوخ عن المحبة بين الشمال والجنوب ، و الشرق والغرب ...
و هو الوحيد الذي يركله كل من مر من هناك ، من اي اتجاه ..فيفري و يقف ، و يقول :" يا حسود ...حسود...ساتزوجها و سترقص في عرسي  " ..و يجري وسط الخراب ، يطبع الارسام ببسماته وسط رفرفة رايات الحرب ...
الحرب واقع لا يبتسم فيه الا مجنون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...