الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

النفاج _ نسرين محمد

نسرين محمد . السودان




النفاج:



مذ أخبرتها القابلة بنبأ حملها الذي تجاوز الثلاثة أشهر  ، كعادتهن ينتظرن فترة من الوقت تحت مسمى غياب ، حتى ينتهي الأمر بمقابلة داية الحبل الوحيدة في البلدة..

 بدأت في التخطيط لاستقبال طفلها وبهجتها الأولى

سرًا لطالما كان إظهار الفرح بالمولود الأول عيبًا كما هو متعارف عند نساءٍ هنا ، حتى و إن قُتل أمام عينيها لا ينبغي لها قول شيء ، وقد تقضي إحداهن عمرًا كاملاً دون أن تنطق اسم  طفلها الأول  تجدها تردد " أخوكم الكبير ، يا هو  ، كبير البيت ، سمي جدو  " من العُرف أن يسمى المولود الذكر باسم جده.. 

قضت الستة أشهر المتبقية في الاستعداد  ، أهمها دق الريحة ، وجمع قطع من الأقمشة الصغيرة ، خياطة بعض الثياب المتناسبة بالمولود أياً كان نوعه ، كانت تخفي سعادتها كما ذكرت 

حتى لا يُقال أنها لا تستحي   

تزامن ميلادي مع تحليق روح البقرة الوحيدة التي ورثها أبي من جدي 

كان لرحيلها أثر أكثر من صرختي تلك 

لأبي أربعة من نساء وعدد لا يحصى من البنين والبنات

قد ينسى شكل بعضنا والأسماء أحيانًا ، له ما يكفي من الأبناء 

لذلك كانت فرحة أمي هي الغالبة ، لم يكن يعينه من الأمر سوى كم من الخراف سيهدر للعقيقة 

يوم عقيقتي بكت السماء حتى سقطت بيوت القرية كلها

اضطر قاطنوها  لتركها 

قرأت عن الحادثة عندما بدأتُ في دراسة  أسباب ضعف الإنتاج الزراعي في  المنطقة عكس ما كان في السابق 

لقب الأرملة الذي لازمني لعشرين عاماً الماضية أراه في تلك الارض ، تشبهني أو أنا من يشبها 

 بعد موت ذلك العجوز

 وكتم الأمر عن  السُلطات   ، المحكمة كانت أسرية ، أخذ 

أهل القتيل عدد مقدر من الأبقار و انتهى الأمر

في البيوت المغلقة التي تتنفس عبر النفاج يمكن فعل أي شيء

القانون هنا حكم  كبير تلك البيوت ، لذلك الخلاص من حبل المشنقة سهل 

لكن الخلاص من السنة نسوة البلدة قد يأخذ العُمر كله وما بعده

تذكر 

أبي حادثة موت البقرة العزيزة والسيول ، هاقد حدثت كارثة أعظم  كان الخلاص مني هو الحل.. 

تائهة في سماوات لا أجيد قراءة مافيها من سحب متغيرة


  



هناك تعليقان (2):

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...