الجمعة، 17 مايو 2019

( إفطار بالمجان ) بقلم القاصّة المغربية ليلى عبدلاوي


                        ليلى عبدلاوي  . المغرب 

قصة قصيرة:
( إفطار بالمجان )

  آذنت الشمس بالمغيب،توقفت السيارة على الرصيف الأيمن من الطريق،على زجاجها الخلفي ورقة كتب عليها (للبيع).
  ترددت منى في النزول..غادرت السيارة على مضض بعدما لكزها زوجها  بعنف على كتفها..
  دخلت الخيمة،راعها الحشد الملتف حول الطاولات. .
  نادلان في عمر الزهور يوزعان صحونا وملاعق وأرغفة بعدد الجالسين.
    جلست،ارتمى على كرسي بجانبها.على محياه عبوس مريع،في عينيه حقد على الحياة والأحياء. تتحاشى النظر إليه.تنشغل بتأمل معصمها وأناملها البيضاء،أحست بغصة وهي تتخيل خواتمَ وحليّاً غادرتها إلى غير رجعة.
  تختلط الثرثرة بالروائح بالأصوات، ينتابها الصداع،منظر الثياب الرثة ووجوه الأطفال المتسخة تصيبها بالغثيان.
 رأت أحد  الجالسين ينظر إليهما متسائلاً.
تغمض عينيها، تسافر في الزمن المستحيل،والدتها في المطبخ تعد مائدة إفطار شهية،والدها يرتل القرآن في ركن من الصالة،إخوتها يلعبون ،أجواء رمضان تملأ المكان.
  تفتح عينيها، تراه ينشغل عن الدنيا بأرقام يخطها على ورقة أمامه،يشطب عليها،يكتب أخرى ،يمزق الورقة ،يخرج غيرها ،يعاود الكتابة والتمزيق.
   يرفع الآذان،يقبل الصائمون على تناول الطعام بنهم ،بيد مترددة،تتناول حبة تمر أخيرة  نجت من الأيدي المتهافتة.
   الحساء الساخن أمامها لا طعم له ولا لون ولا رائحة،لقمة الخبز تمتزج في حلقها بملوحة الدموع..
  يغادران المكان،يستقلان السيارة السوداء،تلتفت منى وراءها، الرواد مايزالون  يأكلون و يتحدثون،بعضهم يودع بقايا الأرغفة في جراب أمامه..
   في أعلى الخيمة ،علقت لافتة طويلة برز عليها بخط أحمر عريض(إفطار بالمجان).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...