الخميس، 4 أبريل 2019

قصة ( سرّ الرجل الغامض) القاصّة اللبنانية سمية تكجي


                         سمية تكجي. لبنان 

سر الرجل الغامض 

كل أهل الحي باتوا يعرفون الوقت على مقياس الرجل الغامض الذي سكن حيهم منذ سنة تقريبا،  وكأنه الناطق الرسمي للوقت ...فإن خرج صباحا ،يعرفون أنها الثامنة و عندما يعود ،يعرفون أن الساعة هي الثالثة تماما. وعندما يطفئ الأنوار في بيته يعرفون أنها شارفت على العاشرة. وكذلك حين يغلق الستائر الزجاجية وحين يذهب لشراء الجريدة ،كل هذه الأمور التي تحكم يومياته بدقة متناهية حد الذهول .
الجار الغامض لم يكن يتكلم مع أحد من أهل الحي ،حتى إذا حاول أحدهم التطفل و التحدث معه  كان لا ينظر إليه،فقط،يكتفي بالابتسام الخاطف حينا أو بالعبوس حينا آخر، هو من من الصباح إلى المساء و من الإثنين إلى الإثنين نسخ متشابهة ، حتى أن أحد أهل الحي أقسم إن هذا المخلوق العجيب ليستطيع أن يفعل نفس الأشياء بدون صعوبة تذكر ،ولو حتى فقد بصره، لشدة ما كررها بالوتيرة نفسها، وكذلك أقسم آخر أنه لو أراد يوما كتابة مذكراته لما احتاج إلا لصفحة واحدة ، ثم ينسخ صوراً منها بعدد الأيام ....
استولى الفضول على أهل الحي وتحرقوا لمعرفة سر هذا الرجل الغامض و سر رتابته المخيفة ،و ما زالوا يسألون و يستقصون حتى فكّوا سر الأحجية...
هو رجل أطبقت قسوة الحديد على قلبه، و طول الأمد أنساه الزمن، و كان يموت كل يوم حتى مات، و مساحة الوحشة أكلت ما تبقى من روحه ...لقد ظل لمدة عقدين من الزمن ينظر من ثقب الباب الحديدي إلى ممرات السجن الضيقة حتى أضحت الحياة بالنسبة له بطول هذه الممرات، وتحول تلقائياً إلى جسد ميت تحركه قدمان ...
لقد غادر الجار الزنزانة و لكن الزنزانة لم تغادره...!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...