الأربعاء، 3 مايو 2017

الحلقتان الخامسة عشرة و السادسة عشرة من السلسلة السردية "النفق" / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق / نائب رئيس التحرير: نسرين العسال



النفق .. ( الخامسة عشرة )

كانت عبارة .. ( افتح من الجنبين ) مجرد كلمة سر يتم بعدها تفجير النفق !!
نعم .. لقد تم تفجير مدخلي النفق ..
فأصبح أبو نور ومن معه .. حبيسي النفق ..
لقد كانت سلامة باقي المجموعة والأعمال التي يقومون بها من أجل الثورة .. أهم من حياته ..
لقد اتخذ قراره دون أي تردد ..
صعق الشاب غير مدرك لما حدث ..
ساد الصمت .. وعلا الغبار ..
وقد سقط من الشاب هاتف أبو النور والذي كان يستخدمه  كمصباح بعد أن انطلقوا ..
كان صوت الانفجارين من القوة بحيث صم آذان الجميع ..
غشي على أم عمر ..
وراح الشاب يتخبط باحثا عن مسدسه وسط الظلام الدامس ..
كان يصرخ .. ( شو صار .. شو صار )
وبعد لحظات .. سلط أبو نور ضوء ولاعته على وجه الشاب .. قائلا :
● مسدسك صار معي .. وحتى لو كان معك .. ماراح
   يفيدك ..
○ شو يعني !!
● يعني لاعاد تتحرك .. ولا عاد تحكي .. بظن
   الأوكسجين الموجود بكفينا يومين .. أو تلاتة ..
○ انت شو عمتحكي !!!!
● مثل ماسمعت ..
○ يعني بدنا نموت هون !!
● والله .. أنت وحظك .. بلكي أبطال الجيش تبعك
  بيجو وبطالعوك !
هدأ الغبار ..
وسمع صوت أم عمر تئن .. فاقترب منها وهزها  
فاستفاقت ..
- دخيلك يا أبو نور .. شو صار ؟؟
● انت كنت مفكرة انه راح أوصلكن للشباب !!
- ضاق نفسي .. دخيلك يارب ..
● دخيلك يارب !! هلق عرفتي انه في رب ؟؟
   وقت اللي جبتي هالكلب معك .. ماكان في رب !!
- يا ابو النور والله غصب العني .. انت مانك فهمان
  شي ..
● شو بدي أفهم .. باينة .. شقد دفعولك ؟؟
- أنت مفكرني خاينة ؟؟
● ليش اللي عملتيه شو اسمو ؟؟
فأخذت بالبكاء .. وأخبرته أنهم اعتقلوا بنتها ذات الستة عشر عاما وهددوها إذا لم تنفذ مايطلبون
فستكون بنتها فريستهم .. ولن يرحموها .. ولكي يثبتوا لها صدق تهديدهم قاموا بتصوير الفتاة .. وهم ينزعون حجابها ويعبثون ببراءتها ..
فصرخ أبو نور ..
● زينب ؟؟؟
- اي يا ابو النور .. نور عيوني زينب ..
● دخيلك يارب ..
- حرقوا قلبي ياخيي ..
● حسبي الله ونعم الوكيل
- شو كنت متوقع مني وأنا عمشوفها بالفيديو وهي
   عمتصيح .. دخيلك يامو !!
فالتفت للشاب وهو يشتاط غضبا .. وقال :
● هاي الرجولة .. هيك بقلكن دينكن .. هاد الجيش تبعكن .. ولك تفووو
لم يجب الشاب ..
وأردف أبو النور .. بترضاها لأختك ؟؟؟
- وهلق شو بدنا نعمل .. جوزي وبنتي عندهم .. مشان الله قلي .. ببوس ايدك ..
تيبست حنجرته .. لم يعرف بما يجيبها .. وساد الصمت من جديد .. إلا من صوت نحيبها ..
في إحدى المزارع البعيدة .. كانت أم نور تلهج بحمد الله الذي خلصها من أنيابهم بينما كانت تضمد جراح أحد الأخوة والذي أصيب في الاشتباك ..
صلت الظهر .. وجلست تحت شجرة توت كبيرة ..
أخرجت هاتفها وكتبت ..
( أين أنت ياروح الروح .. يارب تكون بخير ..
اااه لو تعرف شو صار معي بغيابك .. طمني عنك ولو بكلمة .. )
وأرسلت ماكتبت .. ولكن رسالتها لم تصل لأن هاتفه خارج التغطية .. فرجف قلبها وأحست بضيق في صدرها ..
وفي هذه اللحظات كان زوجها  يتيمم لصلاة الظهر
يحبس دموعه .. غير آبه للدماء التي سالت من جبينه تخالط الغبار الذي كسا وجهه .. ليتيبس دربها راسما قيود عجزه ... ووجعه !
-------------

النفق .. ( السادسة عشرة )

وصلت الدورية بغيداء إلى الفرع ..
وقبل وصولها كانت عدة آليات مهللة وعشرات العناصر يطوقون المنطقة التي حصل فيها الهجوم
بحثا عن أم نور و (  الإرهابين ) الذين أنقذوها ..
كانت غيداء مصابة في فخذها بطلقين ناريين نتيجة الاشتباك .. فقرر طبيب الفرع نقلها إلى المشفى ..
فكان ذلك تحت الحراسة المشددة .. وأثناء الطريق
تعرضت للضرب والشتم بأقبح الألفاظ ..
أما أبو عمر فقد كان يخضع لعمل جراحي ..
بعد أن فقد وعيه نتيجة لكمية الدماء التي فقدها ..
وكانا بنفس المشفى ...
شارفت شمس ذلك اليوم على المغيب ..
وها هي أم النور تناجي ربها .. تلهج بالدعاء ..
هي لاتعلم بما حل لزوجها ..
تخنقها العبرات ..
صلت مغربها ..
وجلست ملقية بظهرها إلى جذع شجرة التوت قرب
ذاك المنزل الذي يختبأ فيه الرجال ..
فتحت جوالها ..
رسالتها لم تقرأ بعد ..
أخذها الحنين لقراءة رسائل قديمة ..
كتبت له ذات شوق ...

                   في تراتيل الصباح ...
                  طاب لي همسي المباح ..
                  يعتريني بعض شوق
                  كل شوقي ... مستباح !
فكان رده عليها ...

                  تمنحيني بعض عشق
                  تهمسي .. هذا المتاح !!
                  فالهوى يجتاح روحي
                  والهوى فيك .. كفاح ....
ابتسمت وتذكرت تلك اللحظات التي كانا فيها من أسعد الناس ..
أنهى هو صلاته .. يلفه الظلام ..
أحس بالعطش الشديد ..
فألقى برأسه إلى الجدار ..
أغمض عينيه وهمس لها ...
أين أنت الآن ياشقية العينين ..
تصطفق ضلوعي شوقا لحضنك ..
حينما سنلتقي .. سنبكي طويلا .. طويلا
كانت دموع روحه تئن بصمت ..
أخرج هاتفه .. لا إشارة ..
فتح على رسائلها .. وقرأ ماكتبت له حين أطال البعد يوما ..

                  ها أنا بعد الفراق
                  أرتجيك شطر حلم
                  أنسج أكفان سعدي
                  قد مضى وقت المزاح !!
فرد عليها حينها ..

                  تشتكي دوما بعادي
                  مادريت بالنواح ... !!
                  يدمي قلبي ذكر بعدك
                  في المجيء .. وفي الرواح
غفى بعدها .. دون أن يشعر ..
نادته أم عمر .. فلم يجب ..
في حين كان ذلك الشاب يشتم قيادته بصمت ..

صحت غيداء من أثر المخدر .. على آلام لاتطاق ..
تلمست فخذها .. كانت الدماء ماتزال تنز من جراحها
لأن الطبيب لم يكن يعنيه شفاءها .. كل ما أراده أن يجعلها قادرة على حضور التحقيق ..
حاولت أن تحرك قدمها الأخرى .. لكنها لم تستطع ..
فلقد كانت السلسلة الحديدية أقوى من طهر ساقها ..
التفتت إلى اليمين فوجدت كيس البول بجانب رأسها
رفعته تحاول إبعاده ...
وفجأة دخلت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...