الثلاثاء، 30 مايو 2017

قراءة في قصيدة ( رمضان ) للشّاعر الفلسطيني حمدي الكحلوت أبو محمد / عدد جديد من إضاءات يقدمها الأديب و الناقد: عادل لخليدي / على فرسان اللغة و الأدب / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق / نائب رئيس التحرير: نسرين العسال



السّلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أسعد بلقائكم أساتذتي الأفاضل في فقرة ( إضاءات نقدية ) و  هذا العدد سيكون بعنوان:
" وَ طَارَ بِي جَنَاحُ اِشتِيَاقٍ لَيسَ يُخشَى لَهُ كَسرٌ  "
قراءة في قصيدة ( رمضان ) للشّاعر الفلسطيني حمدي الكحلوت أبو محمد .
القصيدة:
عامٌ عليَّ بلوعةِ المشتاقِ ــــــــــــــــ  أرنو إليكَ كجرعةِ الترياقِ
أتعودُ يا رمضان والنفحاتُ ياــــــــــــــ نبضَ الفؤادِ ومُنْيةَ الأحداقِ
أتعودُ يا قمرَ الزمانِ مبلْسماً ــــــــــــــ أيّامَنا من نسمِكَ الرقراقِ
تحيي قفاراً بالصدى قد أجْدبتْ ـــــــــــ وتفجّر الينبوع في أعماقي
أكذا تُواني يا كريمُ بوصلِنا ــــــــــــــــ بالرحمِ والصدقاتِ والإعتاقِ
يا من يُضاعفُ في الثواب أجورنا  ــــــــــــ ونوالنا مع بلّةِ الأرياقِ
وتهذبُ النفسَ اللعوب إذا غوتْ ــــــــــــ تسمو بها للفضل والأخلاقِ
فيكَ العقودُ فلا تُعادلُ ليلةً ــــــــــــــ يا سعد ملقاها معِ العشّاقِ
يا ذخرنا عند المليك وزادنا ــــــــــــ يوم التفاف الساق حول الساقِ

التّحليل:
         في هذه القصيدة نلفي الشّاعر مستعجلا متلهّفا للقاء شهر رمضان الكريم ، حيث كشف من خلال تلك الحوارية الرائعة عن رغبة نفسه في سرعة الوصول ، و كأنّه يعدّ الوقت عدّا فامتزجت رغبته العارمة مع لوعة الشّوق أنظر ما ورد في البيت الأول:
عامٌ عليَّ بلوعةِ المشتاقِ ــــــــــــــــ  أرنو إليكَ كجرعةِ الترياقِ
        لقد وقع الشّاعر في غمرة الإحساس بقدوم شهر الرّحمة و الغفران فأيقظ حواسه تأهّبا لاستقبال الوافد الذي وصفه أيّما وصف كما في البيتين الثّاني و الثّالث ( نبض الفؤاد – منبّه الأحداق – قمر الزّمان – بلسم الرّوح ).
        برع الشّاعر في تشخيص رمضان فحوّل المعاني التي في الذّهن إلى مشاعر و أحاسيس و عواطف فشارك بذلك القارئ من خلال رؤيته الدّينيّة ، و راح يخاطب شهر رمضان مخاطبة العاقل و يناديه مناداة القريب ، هذا القرب إنّما هو قرب نفسي كما في قوله :
( أتعود يا رمضان ؟ )
( يا ذخرنا )
          تبدو هذه القصيدة و كأنّها قصيدة وصف بيّن من خلالها الشّاعر فضائل الشّهر المعظّم ، فهو شهر التّعاطف و زيادة الأجر و تهذيب النّفس و من  أجلّ فضائله ليلة القدر .
       يستحضر الشّاعر في هذا النّص السّياق الدّيني الإسلامي القائم على الاقتباس و التّضمين و هو تناص  مع القرآن الكريم و الحديث الشّريف و يعيد صياغتها و هذا ما يدل على سعة إطّلاعه من جهة و على تمكّنه في كتابة الشّعر من جهة أخرى .
          فالشّطر الثّاني من البيت الأخير مقتبس من قوله تعالى : << و اِلتَفَّت السَّاقُ بِالسَّاقِ >> الآية 28 سورة القيامة .
كما أنّ هناك تناصا في البيت الثّامن في قوله :
(فيك العقود تعادل ليلة ) مع قوله تعالى : << لَيلَة ُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلف شَهرٍ >>. الآية 03 من سورة القدر.
         و عن التّناص مع الحديث الشّريف فإنّنا نجد في ثنايا القصيدة كلمات مثل : ( النفحات ، الرّحم ، الصدقات ، الإعتاق ، النّفس إذا غوت ... ) .
    نرى في هذه القصيدة تلاحقا للأسئلة التي لا تنتظر أجوبة كما في الأبيات ( الثاني * الثالث * الخامس ) التي فيها ما يدلّ على عاطفة الشّاعر الصّادقة تجاه شهر رمضان و التي من خلالها راح يفرّج عن نفسه منتظرا قدومه .
    ختاما ن غلبت الرّؤية الدّينية على هذه القصيدة الرائعة لشاعر مقتدر عبّر بطريقته الخاصّة عن شهر يوحّد المسلمين كغيره من الشّعراء الذين يمثّلون ضمير الأمّة .
   تحيّة للشّاعر حمدي الكحلوت أبو محمد و المشرف حمدي الكحلوت أبو عماد و لفارسات و فرسان اللّغة و الأدب .
تقبّل الله منّا و منكم الصّيام و القيام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...