الجمعة، 7 أبريل 2017

تساؤلات بريئة / قصة قصيرة بقلم:مريم بغيبغ / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق



تساؤلات بريئة
بيده الصّغيرة يناولني الرّغيف،  أبتسم له بأعين تدمع...أمسحها بخفّة كي لا يراها...
محمد الزهرة الوحيدة التّي أستنشق عبيرها كلّ يوم بعدما سرقت منّي الحرب اللعينة زوجي وأولادي وأطرافي،وجعلتني طريحة الفراش أراقب الحياة بعيني الظّلام. ..مازالت هناك...هناك في الأفق بقعة من الضّوء. ...تضمّني إليها...ومازال محمّد يسأل ويسأل:
أمّي لماذا يقتلون الرّبيع.؟
أمّي لماذا يعدمون كلّ هذه الورود؟
أمّي. .لماذا بتروا ذراعيك. ..؟
أمي أين أبي واخوتي . ...؟؟؟؟
 ...لم أستطع الردّ، لذلك فقد صرخت فيه، ولأوّل مرّة أرغب في ضربه ، أن أجرّه إليّ وأجلده حتّى يكّف عن قذفي بنيران أسئلته التّي لم أجد لها أيّ جواب...الحيرة تنهش عقلي والأسى يضاجعني كلّ يوم...ويترك غربان الحزن تأكل من أملي.
 . ..فأتذكّر عاهتي واكتفي بالصّراخ والعويل...يتأمّلني يمسح عن مقلتيّ الدمع ويخرج كالعادة باحثا لنا عن رغيف آخر نسدّ به رمقنا الجائع...يتركني بين الرّكام أعلّق نظري على ثقب صغير في السّقف، يتسرّب منه شعاع من نور الشّمس...
كان الجوّ لطيفا وكنت أحتضنه بكلتا اليدين. ..صغير العائلة ومدلّلها...يتسرّب الفرح بداخلي كلّما قال: ماما. ..
عند عتبة الباب ننتظر أخوته ...يحمل المحفظة.. .نضحك كلّنا من ثقلها عليه ولكنّه يصرّ على جرّها...يتأفّف:
متى أدرس معهم يا أمّي ؟
 أضمّه بحنان : عندما تكمل ستّ سنوات. ...
يدور في صحن البيت..ولا يتعب سأصير محاميا مثل أبي. ...ثمّ يصيح: بابا. ...بابا. ..
نجتمع على  طّاولة حبّنا ...نهمس. ..نحكي. .نغنّي ونأكل "الكبّة والكباب والتّبّولة و البقلاوة وووو. ...ولا ننسى العمّ جلال جارنا الذّي تركه أبناؤه وهاجروا إلى البلاد الغربيّة ينشدون الحريّة...يهمس في أذني محمد:
أمّي لماذا تركوه وحيدا؟
أجيب:
 لأنّهم لا يحبّون الوطن !!!
يصيح:
ياي ...نحن نحبّ الوطن ياأمّي لذلك نحن نسكنه!
 أتمتم: ويسكننا طيفه..ويعشّش في سويداء الفؤاد، ونعشق هواءه...ونفديه بأرواحنا. ...ووو...وكنّا نحبه...لذلك لم نكن نرضى بالفساد...
سمعنا محمّد ذلك اليوم عندما كنت و أباه نتحدّث عن قضيّة فساد رفعها ضدّ أحد الأثرياء الذين لا يسكنون الوطن. ..يأتون إليه من وقت لآخر يستثمرون فيه في الظّاهر، وفي الباطن ينهبونه...ترجّيته أن يسحبها ...لكنّه أصرّ وأصرّ محمّد أن يفهم كلّ شيء...أمسكت بيده الصّغيرة قبّلتها أخفيت حيرتي وقلقي وانتظرت...
ومازلت أنتظر رغيف الخبز من يديه الصّغيرتين.

مريم بغيبغ/ الجزائر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...