تأمﻻت ..
موضوع قديم جديد ، أزلي أبدي ، و هو نتيجة تراكم معرفي و ثقافي و حضاري ، مر به اﻹنسان عبر التاريخ ، و مرده هو منطق القوة ، فاﻷقوى دائماً يفرض منطقه ، و بما أن الذكر هو اﻷقوى جسدياً فهو يقوم بفرض ما يريد و كيفما يريد على اﻷنثى ،
و طبعاً مهما تكلمنا عن أن هذا شيء غير صحيح و ﻻ يمت للعقل و المنطق و اﻷخﻻق بصلة ، نبقى محكومين بهذه الحقيقة المؤلمة التي تحتاج منا سواء كنا ذكر أم أنثى و ﻻ سيما العقﻻء من الطرفين المزيد من الجهد و المجاهدة ، فهي قضية ﻻ تفتأ أن تكون جزء من الجهاد اﻷكبر الذي ﻻ مفر منه ، و العمل بما أوتينا من قوة و وعي و فهم و إدراك على نشر الوعي لتغيير مثل هكذا مفاهيم بقدر ما نستطيع ، ﻷنها بإعتقادي قضية من القضايا الشائكة و المعقدة و ﻻ سيما عند عوام الناس و هم دائماً ما يشكلون أغلبية المجتمعات ..
فعلا، نعرضت لموضوع شائك ألا وهو العلاقة بين الذكر والأنثى، هذه العلاقة تشكل عصب المجتمع. وقد دخلت ضمن الموروث المعرفي والثقافي والحضاري، وغالبا ما تحكمها العادات والتقاليد. وبما أن منطق القوة هو الذي يحكم في المجتمعات التقليدية، نرى كل مظاهر العنف الذي تتعرض له الأنثى من عنف جسدي ونفسي وفكري... تصبح فيها العلاقة بين الجنسين علاقة معتلة تفتقد لقيم الإنسانية من مودة ورحمة واحترام وكرامة... وهذا ينعكس على المجتمع. لذا وجبت التوعية الفكرية والدينية المبنية على مكارم الأخلاق حتى نعيد التوازن للعلاقة ومنها للمجتمع بأسره.
ردحذففالعبادات والشعائر الدينية التي نقوم بها هي لتطهير النفس والجسد وتزكيتهما، وطمأنة للقلب بذكر الله. بينما الأخلاق والمعاملات هي الغاية من الدين، لأنه جاء لتكريم الإنسان والرقي به ليسمو ويتصل بالمصدر الإلهي (الله) الذي نفخ فيه الروح وفطره الفطرة الأولى.
هنا يحضرني بيت طريف للمتنبي يتطرق فيه للفرق بين الدين السطحي والدين الحقيقي، إذ يقول:
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم****يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
أما جوهر الدين فعندما تكون معاملاتنا اليومية مع الآخرين ترجمة وتفعيلا للقوانين والسنن الإلهية الواردة في كتاب الله... ومنها، في باب المعاملات بين الذكر والأنثى، وهي كثيرة، قوله تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ سورة الأعراف: 189.
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) سورة النساء من الآية 19.