الأربعاء، 15 فبراير 2017

غيرة/كتبها: سعيد بنعمو

غيرة ..!!

     على منحدرٍ صغير ، كانت مصابيح السيارات تكشفه و هو منكب يحفر بجد و قوة ...حفر حفرة ، وضع فيها حجرا مسطّحا ، و أعاد التراب فوقه و بعض العشب ، و هو يلهث ...كأنما دفن كنزا ..نفض يديه و الغبار من على ملابسه ، و مشى قاطعا طريقا اسفلتيا ، نحو مجمّع سكني .
          كان يمشي مشدود الأعصاب ، يهمهم و يحرّك يديه ... يحلف و يقسم ..صعد درجتين ، طرق الباب و عاد إلى الخلف و وقف كمن يطلب ثأرا او دين ..فُتِح الباب ، وقفت المسكينة في ملابس نومها تشدّها على صدرها بكلتا يديها ...
- هدا انت ؟..ما الذي جاء بك ؟ ماذا تريد ؟
- ماذا أريد ؟..قلت لك الف مرة لا تكثري من العطر ، و انت مثل الجدار ، لا تسمعين أبدا ..!
        دلت رأسها على كتفها ، و اتكئت على جنب الباب ..
 -لهذا جئت ..؟  ... و ما هذا التراب على ملابسك ؟
-هذا هو الموضوع ، دفنت الحجر الذي كنتِ جالسة عليه ، كان يفوح يريح عطرك . اتحسبين أني "حلّوف "! أرضى أن يشم و يستمتع رجل آخر بعطرك ..؟!!
- و انت ..اتضن ان الناس حيوانات تتشمم رائحة الإناث ..؟
- انا لا يهمني أحد .. انا قلبي مملوء بالرجولة ..ثم اين تنظرين ؟.. من هذا الذي يطل علينا ؟! - جارنا سليم ، لقد ايقظته من نومه ، بصراخك ..و صوتك المرتفع .
- مممم ...!!  تعرفين اسمه ، وأن تلك غرفة نومه ، و أنه كان نائم ..!
- و اعرف تاريخ ميلاده ، و كل اهل بيته ، و مكان عمله ، و اصدقاؤه الذين يزورونه ..!!!
- كنت أعرف دائما انك خائنة ..تحبين المال و الهدايا الغالية ... و الخرجات .. انت لا تنظرين الي على أنني إنسان مثل الناس .
-
- نعم انت عندي لست انسان .
- و تقولينها ... ها...ها... بدون حرج .!!؟؟
    نزلت الدرجتين ، و شدت وجنته ، تقرصه ....انتفض كالطفل ، وجهه مشدود ، و دمعة ترقص في عينيه ...
- عندي انا انت لست إنسان ، و كل البشر ناس عاديون ..انت جزء مني ! قلبي ..كبدي..عيني...وانت أجمل و أغلى هدية ...و حتي لو ذهبت الآن لتنام في منزلكم ، انا سانام في سريري معك ... ارتحت الآن !!؟.
          ذاب كل غضبه ، و جسمه في ابتسامة حتى هو لم يعرف من اين جاءت . و استدار و مشى كمن أعطيَ جرعة كوكايين ، لم ينبس ولو بكلمة ...و بقيت هي تنظر إليه و ضحكة دافئة تهز كل جسمها ...لا تصدق ما كان منه ، ولكنها احبّته .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...