الأحد، 13 أغسطس 2017

قطار السعادة - د.حارص عمّار النقيب - قصة قصيرة /مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير : سمر سليمان معتوق - نائب رئيس التحرير : نسرين العسال - تحرير : موسى سعيد


د. حارص عمار النقيب
قطار السعادة (قصة)
**********
أسرعت للحاق بالقطار، حيث وصلت إلى المحطة متأخرًا؛ بسبب ازدحام الطرق وتكدس السيارات، الحمد لله وصلت وركبت القطار وهو يهم بالرحيل، وما إن وضعت جسدي بداخله، حتى بدأ تحركي اللا إرادي بفعل حركة الركاب وتلاصقهم حتى صرنا جسد واحد تخرج منه رؤوس متعددة، كتلة متحركة بألوان مختلفة ولهجات متعددة؛ حيث أنه في هذه اللحظة يفقد الإنسان كل ما تعلمه ويعود إلى لهجته الأصلية، وطباع إنسان ما قبل التاريخ.
توقف الزحف وبدأت أتطلع لوجوه من حولي، خليط من النساء والرجال والأطفال عليها علامات عدم الرضا باختلاف أعمارهم.
ما هي إلا لحظات حتى انشغل كل واحد بحاله وسبب سفره، المتأنق لموعد غرام، الخانق لانتظاره اعمال مكدسة واجتماعيات واجتماعات وتملقات خانقة، المبتسم بسخرية لتأخر القطار وضياع فرصته، الساخط الناقم من كل شيء وعلى كل شيء، السعيد بهذا الوضع لأسباب غوغائية.
القطار مجتمع مصغر من المجتمع الكبير الذي يسير فيه، ولكن بدون رتوش ومكياج، مثل مواقع التواصل الاجتماعي أقلها حقيقي وأكثرها تمثيل.
وصل إلى أُذني العديد من أحاديث من حولي " مسافر للعمل للإنفاق على اسرتي، مسافر للاستعداد للعيد، مسافر للاستعداد للمدارس، مسافر ..... مسافر... مسافر، .......، انظر لهذا الرجل... أنظر لتلك السيدة......، أنظر......، لكن لا توجد كلمة أنظر من النافذة؛ لأن النوافذ مغلقة بأجساد البشر".
تفحصت الوجوه فإذا هي تحمل مشاعر مختلفة ومتعددة ولكنها جميعًا مشاعر الخنق والغضب والبؤس، حتى الابتسامات باهتة.
صوت رهيب واندفاع وصرخات، وتساؤل وحيد، ماذا حدث؟
- لقد اصدم القطار بقطار آخر؟
- كيف؟
- حكمة الله، وهل أنت تعترض علي حمة الله؟
- ابدًا حضرتك مجرد استفسار.
- لا تستفسر عن شيء، احمد الله إنك بخير.
توقفت قليلًا أنظر فإذا بالعديد من الجثث جراء الاصطدام، ملقاة على الأرض، والكثير من الذين تجمعوا استخدموا هواتفهم النقالة، أرجوك لا تفهمني خطأ، ليس للاتصال بالإسعاف، ولكن لتصوير اللحظة، وما جذب انتباهي أن كل وجوه الجثث التي على الأرض عليها علامات السعادة؛ كأنها ارتاحت من حمل ثقيل يسمى "الحياة".
د. حارص عمار النقيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...