الأربعاء، 26 أبريل 2017

الحلقتان الثالثة عشرة و الرابعة عشرة من السلسلة السردية "النفق" / يكتبها: خالد جوير "حرف عتيق" / مجلة قطوف أدبية / رئيس التحرير: سمر معتوق / نائب رئيس التحرير: نسرين العسال





النفق .. ( الثالثة عشرة )
وما هي إلا لحظات حتى تسور عناصر الأمن جدران المنزل من جهاته الأربع .. مغتصبين حرمته ..
غصت الدار برعبهم ..
وصرخ أحدهم .. :
( طلعو الهوايا .. هنتي وياها .. يلا )
تلك اللكنة المقيتة .. التي يعرفها كل من تعرض منزله للمداهمة ..
أو مر بحاجز في أحد الأيام ..
لم تكن أم نور تحمل بطاقتها الشخصية .. وأخبرتهم أنها بالمنزل ..
فانطلقوا بها في إحدى سياراتهم لإحضارها ..
في حين اعتقل باقي العناصر غيداء .. ووضعوا القيد ( البلاستيكي ) الأبيض في معصميها ..
وقادوها إلى السيارة الثانية ..
للوهلة الأولى يظن من يرى حجم الدورية وعدد عناصرها .. أنها أتت لتعتقل مجموعة من الرجال ..
كم هو مرعب ان يأتي كل هؤلاء الرجال من أجل امرأة .. أو اثنتين ..
وقبل خروجهم .. سأل أحد العناصر إيمان عن اسمها ..
فلم تجب .. لأنها اساسا لم تسمع ..
فأعاد الكرة .. وحين لم تجب ..
سحبها من ضفيرتها الشقراء .. وصفعها دونما رحمة قائلا : ..
( وليه حقيرة .. ليش مانك ماتردي  )
غطت إيمان وجهها بذراعيها .. بينما كانت ضفريتها تغتصب بين أصابع حقده ..
صرخت غيداء ..  ( البنت خرسا .. مشان الله تركها )
قهقه عنصر آخر وقال :  ( اي ولا يهمك .. هلق
بو حيدرة بخليها تنطق .. ودرغل درغلة .. )
رد عليه بابتسامة صفراء تحمل حقد الدنيا
( هي قد ماصرخت بدها حرية .. راح صوتها )
وعندما أصبح الجميع خارج الدار .. وضع الخنزير يده على صدرها .. فقامت بعضه .. وهربت إلى الشارع .. ..
على زاوية الشارع ..
كان هناك شاب يركب دراجة نارية ..
توقف جانبا يشعل سيجارة ..
كان يراقب المشهد من بعيد ..
ثم أجرى اتصالا .. وانطلق بعدها خلف البيوت
عادت الدورية الأولى بأم نور .. بعد أن جلبت بطاقتها ..
وفي طريق العودة وقبل أن تلتئم الدورية بكامل قوامها من جديد ..
وبينما كان أحد العناصر يعصب عينيها ..
لمحت امرأة تنزل من إحدى السيارات تخفي وجهها ..
نظر أبو حيدرة في عينيها وقال .. ( وليييه ع هالعيون .. بحضي حرام تنحط عليهم العصبة ..
بس شو بدي اعمل .. مو بس انت ارهابية .. وعيونك كمان .. )
ضحك عناصر الدورية .. وهمس له أحدهم
 ( وطي صوتك لايسمعك الضابط )
فأجابه .. ( أصلا معلمي روح قلبو الارهابيات )
كان قلبها يرتجف مثل كل شيء فيها ..
كانت تناجي ربها .. وتلهث بالدعاء ..
ولسان حالها يقول .. أين أنت ياحبيبي ......

في النفق ...
طلب الشاب منه أن يتصل بالذين سيلقاهم بالجانب الآخر من النفق .. بعد أن ربط كلتا يديه ..
وأخذ منه الجوال .. وفتح على قائمة الأسماء قائلا : ( دلني ع الاسم واحكي مثل مابقلك أحسن ما أدفنك هون .. )
لكن سنين الحرب .. ومدلهمات الأمور التي مر بها علمته الكثير ..
تمنع قليلا وهو يحاول أن يجد مخرجا ..
فوضع المسدس برأسه وأزال عتلة الأمان ..
فقال له ..
اتصل بالنقيب عمر ..
---------------------

النفق .. ( الرابعة عشرة )
( راح اتصل .. واياك تزود كلمة هيك ولا هيك .. )
اتصل بالنقيب عمر .. وفتح مكبر الصوت ..
- الو ..
● هلا أبو نور .. وينك .. ليش تأخرت ؟
- والله غصب اللعني .. انت وينك ؟
● شو ويني .. انت بتعرفي ويني !
- اي بعرف .. بس خفت تكون رجعت لما اتأخرت
  عليكن ..
● لالا .. ناطرك ..
- طيب ..
● ايمتى بتوصل ..
- عير 10 دقايق .. وافتاح من الجنبين
● من الجنبين ؟
- اي من الجنبين ..
أغلق الشاب الهاتف وصرخ به ..
○ شو قصدك من الجنبين ؟؟؟؟
- ولا شي .. بس النفق من الجنب التاني الو  
  بوابة مزدوجة .. وانا نسيت مفتاح البوابة اللي من
   هون  ..
○ بتعرف اذا كنت عمتلعب بديلك .. بعرضي لأفضي
   المشط براسك .. يلا .. فز .. وامشي قدامي ..
   وحال أن انطلقوا اتصل الشاب بهاتفه هامسا ..
   بعد أن تأخر قليلا عنهم .. وختم بعبارة .. حاضر
   سيدي ..
   كانت أم عمر .. زوجة رفيقه تسير خلفه ..
   تهرب من عينيه كلما استدار ..
  في الجانب الآخر .. حاولت أم النور رغم ماحل بها
  جاهدة أن تخمن .. من هي تلك العميلة التي
  وشت بمكانها .. لكنها جد مشوشة !
  كانت تجلس في المقعد الخلفي .. بين خنزيرين ..
  همس أحدهم بعد أن اقترب برأسه من أذنها حتى
  أحست بزفيره النتن على خدها
● بتعرفي .. هلق بالتحقيق اذا مابتقري ع مكان
  جوزك .. راح نسهر سوى للصبح .. ترى بو حيدرة
  صرلو شهرين مانزل ع البيت .. وانت بتعرفي
  شو قصدي ...
ثم ضحك بصوت عال ..
كلامه أرعب روحها .. واعترتها قشعريرة .. بينما كان الآخر يقول ..
○ راح تشوفي الليلة الحرية على كيف كيفك ..

وعلى باب منزل غيداء .. كانت بعض النسوة يحاولن
  أن يخففن من روع إيمان .. التي كانت تبكي بحرقة
  بعد أن خانتها الكلمات ..
سلكت الدورية بسياراتها الأربع الطريق الزراعية المؤدية إلى الطريق العام .. قاصدين المدينة ..
وعند وصولهم لمفترق طرق قرب إحدى المزارع ..
كان الشاب صاحب الدراجة .. يقف بجانب الطريق
يصلح دراجته ..
وما إن وصلوا إلى محاذاته .. حتى أخرج مسدسه وأطلق عدة رصاصات على السيارة الأولى ..
وخرج من بين الأشجار عدد آخر من الرجال الملثمين
وأمطروا باقي الدورية برصاصهم ..
رد من لم يصب من العناصر على إطلاق النار ..
استمر الاشتباك لعدة دقائق .. استطاعوا بعده تخليص أم نور .. بينما لاذت السيارة التي تقل غيداء بالفرار ..
قتل من قتل من أفراد الدورية .. وجرح شاب من المهاجمين ..
كان الوقت يقترب من الظهيرة .. وعليهم الاختفاء قبل وصول التعزيزات ..
سمع كل من في البلدة صوت الاشتباك ..
وشاهدت شوارعها حركة كثيفة ..
وكأنهم يعرفون .. أن ماينتظرهم سيفوق الانتقام ..
وبدأ أفراد الحاجز بإطلاق النار في الهواء ..
فاختف الناس .. وفرغت الشوارع القريبة ..
في النفق .. وبعد أن اجتازوا مسافة فاقت العشر دقائق ......
اهتزت الأرض بهم ..
وسقطوا جميعا على الأرض ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر ما نُشر في قطوف

كدمة بقلم الشيماء عبد المولى . الجزائر

″ كدمة ″ كلُّ الكدمَاتِ مُوجِعة وجعًا لا يُطاق يحاصرُ كلَّ قلبٍ مَريضٍ و كلَّ جفنٍ مُترَعٍ بلَيَالِي الانتظَار يطُولُ الوقتُ عَمداً تَلت...